عماد عبدالرحمن
فجأةً، تحولت مواقع التواصل الاجتماعي التي كانت منبراً لانتقاد السياسات الحكومية، والتعبير عن المواقف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلى منابر للنعي والمواساة بفقدان عزيز أو صديق، بعد أن تزايد انتشار وباء «كورونا القاتل» إلى درجة تنذر بالخطر، وتنبئ بفقدان السيطرة على زمام الامور.
ومع تسجيل الأردن أرقاماً قياسية يوماً عن يوم، تبرز خطورة الموقف الذي تمر به البلاد حالياً، يرافقه حالة غريبة من اللامبالاة تجاه الخسائر البشرية والاقتصادية والإصابات التي وصلت أعداداً مرعبة، ولعل مرد الارتفاع المريب في الإصابات يعود إلى عدم الالتزام بإجراءات الوقاية، لناحية استعمال الكمامة والحرص على التباعد وتجنب التجمعات التي كانت سبباً مباشراً في ارتفاع حالات المصابين.
ولأن الوضع الوبائي بلغ مستوى لا يمكن السكوت عنه، وحتى لا نقترب من السيناريو الايطالي، أو الاسباني،/لا قدّر الله/، ما الذي يمكن فعله في هذه الاوقات الحرجة والصعبة التي تواجه الاردنيين؟.
عدا عن الالتزام بإرتداء الكمامة ووضعها في مكانها الصحيح، وتجنب التجمعات، والتي تحدث عنها جلالة الملك قبل يومين بوضوح، تبرز الحاجة لوعي جماعي «أردنيين ووافدين» لكيفية التعامل مع تحدي الوباء ومحاصرته ومنع البيئة الحاضنة لانتشاره، وإلزام الجميع بضرورة اتخاذ إجراءات وقاية فعالة، وإتخاذ إجراءات أكثر ردعاً تجاه المخالفين الذين لا يدركون فداحة الخسائر البشرية الاقتصادية للبلاد هذه الايام.
بموازاة ذلك، تبدو مسألة الاغلاق الشامل غير مرغوب فيها من قبل الأغلبية، خصوصاً وأن القطاع التجاري يعاني قبل أزمة الوباء، وإزدادت معاناته مع انتشار الوباء، لكن ما الحل إذا لم يعد هناك مفر من الإغلاق الكلي للبلد، وهو أمر وارد في حال استمرار إرتفاع نسبة إنتشار الوباء وتزايد أعداد المتوفين والمصابين يوماً بعد يوم.
القطاع الصحي، الذي يعاني بصمت ويعمل تحت ضغط هائل، هو الحصن الأخير في مواجهة الوباء، بحاجة لدعم المواطن قبل المسؤول، كون الضغط على المستشفيات بدأ يتزايد، وعدد الأجهزة والأسرة المخصصة لحالات «الكورونا» ليست كبيرة، والوضع ليس سهلاً بالمجمل على الكوادر الطبية، بالتالي ستجد المستشفيات نفسها، في حال ارتفاع وتيرة الإصابات، أمام تحد كارثي، وسنسمع عن حالات كثيرة لم تجد مكاناً لها بالمستشفيات، بعد وصولها إلى القدرة الاستيعابية القصوى.
يبدو المشهد الوبائي في زمن «كورونا» سوداوياً هذه الأيام، ولن تتغير هذه الصورة إلا عندما تتغير طريقة تعاطينا وجديتنا كمواطنين أولاً مع تحدي الوباء، ولنستذكر جميعاً نجاح إجراءات الإغلاق الصارمة والاستباقية التي حاصرت وأبطأت انتشار العدوى منتصف آذار الماضي، لكن الآن مطلوب تخفيض نسبة الإصابة إلى خمسة بالمئة، بعد أن وصلت لأرقام صادمة حالياً، حينها نستطيع أن نشعر بالقليل من التفاؤل، وبدء عودة السيطرة على انتشار الوباء، وبالتالي تجنب اتخاذ القرارات الصعبة، التي نخشاها جميعاً.