خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

بالخطأ

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
عبدالهادي راجي المجالي .. قبل الحظر بيومين, ذهبت إلى (الدراي كلين), أخذت ملابسي التي وضعتها لديه وعدت لمنزلي, ولكني حين فردتها تبين أنها ليست لي.. هنالك بذلة جميلة جدا, وغالية الثمن وقد نظرت للماركة وتبين أنها إيطالية, وهنالك ربطة عنق حمراء وجميلة جدا.. ومع (البذلة) يوجد فستان لونه أخضر, يبدو أنه لسيدة رشيقة القوام وفارعة الطول.. الفستان أيضا يبدو أنه ثمين, وأجزم أن السيدة اشترته من بيروت ربما, أو من فرنسا.

هذا الرجل لم يخطئ أبدا, أنا أتعامل معه منذ سنوات طويلة, كيف أخطأ هذه المرة وأعطاني ملابس ليست لي.. الغريب أنه يوجد مع الفستان (شال) من الحرير الخالص.. لونه أسود, وقد سألت نفسي هل كان يلف على العنق؟ أم يرمى على الأكتاف.. لا أعرف! ولكن رائحة العطر الفرنسي كانت تجتاحه.. وتتغلغل به منذ سنين.. وهنالك (محرمة) حمراء أيضا توضع في الجيب العلوي للجاكيت, وهي مطابقة في نقشتها.. لربطة العنق.

يا ترى لمن تكون هذه الملابس؟ ربما لرجل أعمال كان يخطط كي يأخذ زوجته إلى العشاء.. أو إلى حفلة ما, أو إلى فندق ما لحضور خطبة فتاة تخص العائلة, ربما كان يخطط.. للذهاب إلى العقبة, فأحد الأصدقاء أعد حفلة بسيطة على الشاطئ.. ربما كان يخطط للاحتفال بعيد زواجه العاشر, وأعد وليمة وقرر أن يرتدي أجمل ما لديه.. ويجلس مع زوجته على شرفة المنزل..

أنا لا أعرف؟ ولكني دخلت (جوجل) ووضعت اسم الماركة كي أعرف عن (البذلة) واكتشفت أنها باهظة الثمن, واكتشفت أيضا أنها لا تخضع عند التصنيع للقص الالي, بل يتم قصها يدويا.. وثمة صور لمصنعها في إيطاليا, ومن ارتدى هذه الماركة من المشاهير والرؤساء..

وخجلت أن أقلب (الفستان).. خجلت أن أعرف نوع (الماركة).. فتركته مركونا, في مكانه.. واكتفيت باستراق النظر إليه فقط.

لحظة كتابتي هذا المقال, تحدث معي صاحب (الدراي كلين), كان متلعثما.. ومن طريقة الكلام, عرفت أنه لم يتأكد بعد أين أرسل الملابس.. يريد أن يستطلع الأمر مني فقط, ولكن على الفور أخبرته.. بأنها وصلتني بالخطأ, لحظتها تنفس الصعداء.. وعرفت أنها على ما يبدو لرجل مهم جدا.. وجاء على الفور لمنزلي يتصبب عرقا.. وأخذها, وحين حملها بدا وجهه كأنه وجد كنزا..

وأنا ودعت (البذلة) الجميلة, والفستان.. لا وودعت الشال الأسود, لكن رائحة الشال للآن بقيت في أنفي, يا إلهي كم استهلك من العطر الفرنسي الفاخر.. وأحضر صاحب (الدراي كلين) لي بالمقابل.. (قمصاني) وبنطالي الأسود, (وجاكيت) أزرق اللون اشتريته.. من البلد قبل أعوام.

وقد عرفت من صاحب (الدراي كلين) أن ملابسي ذهبت هي الأخرى بالخطأ, لمنزل هذا الرجل المهم..

لدي سؤال.. يا ترى هذا الرجل المهم, حين اكتشف أن قمصاني جاءته بالخطأ, كيف عاملها؟ مثلما عاملت أنا (بذلته) وربطة عنقه, وهل بحث عن الماركة في (جوجل) مثلما فعلت.. أم أنه استشاط غضبا ورماها..

لا أعرف صدقا.. ولكني حين ارتديت القميص هذا الصباح, لاحظت أنه كان مكسور الخاطر.. القماش مثلنا يحزن.. حين تمسكه يد غير حنونة عليه..

في بلادنا الفرح يأتيك بالخطأ مثل (بذلة) الفاخرة التي أعطاني اياها (الدراي كلين).. وتستمتع قليلا بالشكل والعطر واسم الماركة, ثم تعيدها.. لصاحبها, ليس الفرح وحده.. ولكني أشعر أحيانا أني ولدت مواطنا بالخطأ..

[email protected]

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF