عماد عبدالرحمن
كثيرون من سكان عمان يحلمون ان تتسع المساحات الخضراء في عاصمتهم، بعد أن تقلصت تلك المساحات بفعل المد العمراني والاسمنتي الذي غزا المدينة على مدى العقود القليلة الماضية، هذا الحلم ترافق ايضاً مع حلم أوسع على مستوى الوطن للوصول الى تحقيق شعار «أردن اخضر» الذي تغنينا به كثيراُ، لكن أيّاً من الحلمين لن يكتملا إلا بإرادة جماعية يتشارك فيها كل القطاعات الرسمية والاهلية والطوعية، لتكون مبادرة واسعة تحقق النتائج المرجوة بأسرع وقت.
قبل أيام أعلن امين عمان عن حملة لتخضير مدينة عمان وما حولها، والتحول الى اللون الاخضر لمواجهة التحديات البيئية المتزايدة، لتعود عمان كما كانت مساحات خضراء وواحة صحية بدلا عن التلوث البصري قبل الصحي والبيئي، لكن ما الذي يحول دون تطبيق هذه الرؤية، ولماذا تتقلص المساحات الخضراء في المدن الكبرى لحسابات «الغابات الاسمنتية» إن جاز لنا التعبير، رغم الجهود المبذولة لتغيير الواقع الخضري والبيئي؟.
الاغلبية تعلم التحديات الماثلة امام توسع الرقعة الخضراء، وأبرزها الاعتداءات والحرائق والتمدد العمراني، لكن ليس من ضرب الخيال أو المستحيلات العودة الى تخضير عمان، فمدينة عمان وسكانها تواقون لتحقيق ذلك، خصوصاً ان الجميع يعلم ان المدينة كانت مساحات شاسعة خضراء وغابات شجرية كثيفة، لكن المتغيرات البيئية والطبيعية والبناء بدلت وغيرت من جمالياتها وهويتها على مر السنين.
لنتجه نحو تشجيع الشباب واشراكهم في تحقيق ذلك، من خلال طلبة الجامعات وكليات الهندسة والعمارة للمشاركة في مسابقات ترعاها البلديات «والأمانة» للتصاميم الابداعية والحلول الفنية والمسطحات الطبيعية التي تحسن وتطور الاماكن العامة في المدينة، بما يلبي إحتياجات المواطنين والعائلات وزوار المدينة، ولنتجه لزراعة أسطح المنازل بأشجار مثمرة واشجار الزينة،فلو زرعت شجرة واحدة على سطح او رصيف كل عمارة وبيت في عمان وعددها قرابة 40 الف بناية، لتحقق جزءا كبيرا من مشروع التخضير المنشود.
ولنعزز ثقافة البيئة في مجتمعنا من خلال تبني قضاياها من خلال المرشحين للمجالس النيابية والبلدية والمركزية، فبرامج المرشحين تكاد تخلو عادة من تبني مثل هذه البرامج، ولنشرك طلبة المدارس الاساسية والمؤسسات الخاصة كالبنوك والشركات في تبني ورعاية مسطحات خضراء خاصة بها فمثل هذا المشروع الوطني لا تستطيع تنفيذه كمؤسسة لوحدها، وهو ليس قرار يتخذ وينفذ، إنما يجب ان يكون جزءا أصيلا من سلوكيات مجتمعنا بأكمله، وثقافة تغرس لدى أطفالنا منذ الصغر، لنقطف ثماره عند كبرهم.
عمان مدينة ذات ارث حضاري وتاريخي ترنو لمزيد من التشجير والاخضرار، و«الامانة» غير مقصرة بهذا المجال، تعمل بإستمرار من أجل توسيع الرقعة الخضراء، لكن هذا الجهد يحتاج لمبادرات أهلية ومؤسسية، وحملات توعية وتثقيف بأهمية الشجرة ليس من أجل لونها الاخضر فحسب بل من أجل تنقية الهواء وتلطيفه، وتظليل المارة بفيئها، وتخفيف حر الصيف وسطوع الشمس، والاهم استعادة هوية المدينة الخضراء التي نعرفها.
[email protected]