خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

تحيا مصر

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
عبدالهادي راجي المجالي كم يوجد مصري في الأردن؟

لا أعرف! ولكني منذ أن وعيت على الدنيا, والمصري موجود في حياتنا.. غادر الكل إلا أولاد مصر ظلوا في هذا البلد, وتشاهدهم في كل مكان.. في الورشات التي تندلع, في البنايات.. في المشاريع, حتى في القرى البعيدة حين تتوه.. يدلك مصري على الطريق.

مصر لم تصدر للعالم العربي, الفن.. ولا التاريخ ولا الحضارة فقط, بل صدرت ما هو أهم من ذلك بكثير.. صدرت الرضى والتقوى, يوم الجمعة الفائت حين ذهبنا لأداء الصلاة.. أحسست بالعمال المصريين يتهافتون على المسجد, كأن كل واحد منهم عاد لمصر..

يوجد في الأردن مئات الألوف منهم, ونادراً ما تجد مصرياً يملك سيارة, يرضون أن يسكنوا في منازل بسيطة, وجبتهم الرئيسية هي الفول, وإذا قام كل شهر بتحويل ورقة أي: مئة دولار للأولاد.. فهذا يشكل له قمة النجاح, وهو لايتردد في الحصول على أي عمل.. لا يمتلك ثقافة اسمها العيب أو الخجل, بل يمتلك ثقافة اسمها الرضى.. قد تتشاجر معه, ويسامحك.. قد تستفزه لأبعد حد ويسامح أيضاً, لكن إياك أن تذكر مصر أمامه بكلمة سوء.. مصر لديه هي الضمير والكرامة والشرف, هي جبهته السمراء.. بالرغم من أنها ضاقت عليه, بالرغم من أنها جارت ولو قليلاً عليه.. بالرغم من أنه مشى في شوارعها, وتاه بين مؤسساتها وأمضى أعواماً من دون عمل.. لكنها تبقى الأم والضمير والكرامة.

لايوجد مصري يستعمل مصطلح (البلد واقعة), في نظره مصر ستبقى واقفة.. بعكسنا فأول أشكال التذمر لدينا هي جملة: (البلد واقعة).. وأول أمنياتنا أن نغادر الأردن دون رجعة, ولكن المصري حلمه.. أن يعود لها, هو الشعب الوحيد في العالم الذي لو حمل النيل سكاكينه وأرخاها في أجسادهم لقابلوه بأجمل ابتسامة وظنوا أنه يلهو معهم.. قلت المصري عكسنا تماماً.. يترك الدنيا كلها لأجل صلاة الجمعة, وهو الذي ربط كرامته بوطنه.. وهو الذي بنى وشيد وساهم في تعبيد الشوارع ورفع مداميك المؤسسات وخدمة البلد, وأحب الأردن.. بعكسنا نحن فعند أول رشفة قهوة من الفنجان حين نجلس, أول كلامنا هو أن بلدنا ظلمتنا.. وأنها اغتالتنا.. وأنها طاردة للخبرات, وأنها قاسية.. وأنها مرتع للصوص.

هاهم يفيقون قبلنا في الصباح, لايرتدون ربطات العنق.. بل يرتدون مصر كشال على الرقبة.. يحملونها ورداً في الكف, وهي معهم تعيش في كأس الشاي وصحن الفول, والخطى الطويلة.. تعيش معهم في البلوى والمرض, وفي كل دمعة فرح..

ليس عيباً أن نتعلم من شعب مصر العظيم الرضى, ليس عيباً من أن نتعلم منهم الوطنية والصبر.. ليس عيباً أن يكونوا درسا لنا, في الحياة وتعبها.. مصر الغالية الحنونة.. مصر الجميلة والوادعة والكبيرة, لم تصدر للعالم العربي عبدالناصر فقط ولا أم الكلثوم.. لم تصدر سيد قطب واليسار.. لم تصدر فقط الرواية والفن والمسرح والموسيقى, بل صدرت ما هو أهم من كل ذلك.. صدرت الوطنية المصرية العظيمة.

تحيا مصر..

[email protected]
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF