خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

مجرد حنين

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
عبدالهادي راجي المجالي

.. زمان لم نكن نشكوا, حين كنت طالبا في الجامعة..لم أكن أسمع الناس تتذمر.. ولم أسمع بأن أحدهم رمى نفسه من فوق جسر عبدون, الجسر أصلا لم يكن موجودا.. لم أكن أسمع مصطلح (البلد واقعة).. حتى أنني لم أقرأ في الصحف, عن تاجر هرب من البلد.. أو بنك تورط في شبهات مالية..

كان (بكم) الخضرة الذي يقف في الحارة, ويجمع النساء.. بمن فيهن المطلقات والأرامل, يمثل بديلا لتجارة (الأون لاين).. (البكم لاين) لم يكن مرتبطا بعملية شراء ودفع فقط, بل كان مرتبطا بأحاديث تنشأ بين النساء, وأكياس من الملوخية (تعتل) على الكتف.. وكانت (أم العبد).. حين يتعطل البكم ويهم في المغادرة تشارك معنا في عملية (الدفش)..

كان للشرطة هيبة ووقار, أتذكر أن شرطيا ذات يوم.. فرق مظاهرة كاملة وحده في (القايش) وطاردني (2) كيلو.. وحين جمعونا في المخفر, لم يكتب في المواقع الالكترونية أن الشرطة اعتقلت الأحرار, ولم يكن هنالك بيانات تصدر.. وتطالب بالإفراج عن البطل الحر عبدالهادي راجي.. كل ما فعلناه هو أننا قمنا (بطراشة) المخفر ومن ثم أطلقوا سراحنا.. وحين عدت للبيت أكتشفت أن أحدا لم يكتشف غيابي.. النضال في زمننا كان له جانب خدماتي أيضا.

كانت البلد (حنونة) جدا علينا, وفي الليل كنا نطرق باب الجيران ليس لأجل طلب حزم إضافية للنت, بل لأجل طلب (الخبز).. وكنا ننتظر رفاقنا الذين غادروا المدرسة مبكرا والتحقوا بالجيش كي يقصوا علينا.. الأحاديث الشيقة, (حمودة) كان واحدا منهم.. وذات يوم جاء (بالروفر) العسكرية, وأحضر معه لوالدته (لحاف).. مهام (الروفر) لم تكن محدودة بالأمور العسكرية فقط, بل كان لها جانب متعلق بالأمومة والحب.. ويومها سمح لنا (حمودة) أن ننظر داخل (الروفر).. لم يكن هنالك أحزاب ليبرالية.. وكانت الشيوعية محظورة والأحزاب القومية.. أيضا, كان حزب (القايش) هو الأهم والأقوى.. ومن شروط الانتساب إليه أن تحفظ أغنية: (مرحى لمدرعاتنا)..

الجوع زمان كان أكبر، والباص حتى تصله عليك أن تمشي مسافات بعيدة, والنقود لم تكن مهمة كثيرا في الجيب.. كانت (مفركة البطاطا) تعد وجبة للمترفين.. ومخلل الفقوس كان يعتبر أمرا مهما, ويقدم فقط مع المنسف.. مع كل ذلك لم نكن نشكوا..

كان مقياس الراحة المالية لرب الأسرة هو: (خرخشة البرايز) في جيبه حين يمشي, وهذا أمر يدل على الوفرة المالية..

بالرغم من كل ذلك, لم نكن نشكوا.. كنا نقابل الحياة بالرضى فقط..

في بلادنا أعرف أنه يوجد تضخم, وأزمة اقتصادية.. يوجد جوع وبعض الناس انهارت أحلامها، ويجد فقر ودمع.. وضباب أعرف.. لكن كل ذلك لايعني أبدا أن نفقد الرضى..

ما زلت أحن لذاك الزمن, والذي ينتهي فيه نضالنا.. (بطراشة) المخفر والعودة للمنزل..

Abdelhadi18@yahoo.com

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF