خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

الجيش والدمع

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
عبدالهادي راجي المجالي .. قبل أيام, كنت أنتظر دوري على الصراف الالي.. جاءت سيدة في أول السبعين من العمر, وضعت نظارتها.. ثم أدخلت البطاقة في الصراف, ويبدو أنها أخطأت في قراءة الرقم.. أكثر من مرة, مما أدى إلى مصادرة البطاقة..

كان معي في الإنتظار أحد ضباط الجيش, وبزيه العسكري.. وقد ترك زوجته وأطفاله في السيارة, وكان معي سائق تكسي.. وصبية في العشرين, ورجل من ملابسه يبدو أنه إما (ميكانيكي) أو حداد.. ورجل اخر ظل يتحدث على الهاتف ويقول: (يا تهاني اسمعيني.. خليني أحكي).. وتهاني يبدو أنها لم تسمع.

السيدة العجوز وقفت أمامنا وبكت.. أنا رأيت دمعتها, وتقدم الضابط منها.. حاول أن يسترجع البطاقة من الصراف, لكنه لم يفلح.. دمعتها هدمتنا جميعا, أنا والضابط والميكانيكي.. والصبية, حتى تهاني التي تتحدث على الهاتف.. يبدو أنها تأثرت.

حاولنا تهدئة العجوز, والضابط أصر أن يعطيها المبلغ الذي تريده.. والميكانيكي دب الحماس فينا, وطلب منا أن نذهب لمدير البنك.. دخلنا جميعا, كأننا في معركة وتحت إمرة الضابط.. وأخبرناه عن المشكلة.. فطلب منها أن تسحب المال يدويا.. ولكنها أخبرت مدير البنك أن الحساب باسم ابنها وليس باسمها.

وتحت إمرة الضابط طالبنا جميعا, أن تسترد البطاقة وفورا.. ولكن مدير البنك شرح لنا الأمر, وأكد أنها تحتاج لأيام.. المهم خضنا معركة لأجل دمعة السيدة..

وحين خرجنا جميعنا حاولنا إقناعها, بأن تأخذ المبلغ الذي تريده.. وحتى لايكون الأمر في إطار الشفقة, سنعطيها أرقامنا.. وحاول توفر المال تستطيع السداد.. ولكنها لم تقتنع, وفي النهاية نزلت زوجة الضابط.. واصطحبتها معها إلى السيارة وأقنعتها.. بأخذ ما تريد من زوجها, وأعطتها رقم هاتفها..

خضنا معركة مع البنك, ومع أنفسنا.. نحن أصلا لا نعرف بعضنا, ولكن دمعة جعلتنا ننتج كل هذا الضجيج وكل هذا الرجاء..

في النهاية الجيش حسم المسألة, ويبدو أن زي الضابط وشهامته وطيبة زوجته, جعلوا تلك العجوز تقبل أن تأخذ منه المال.. وأنا متأكد أننا جميعا ربما نملك في حسابنا أكثر مما يملك الضابط, ولكن رغبة السيدة العجوز كانت هكذا..

في بلادنا قد نخوض ألف معركة, لأجل دمعة.. وقد نقدم دمنا لأجل مظلوم أو مظلومة لا نعرفها.. هذا هو الأردني, الشارع يبقى الشيء الوحيد الذي يعبر عنه فقط.. المناصب لاتعبر عنه ولا المواقع, ولا الأموال.. ما يعبر عنه هو أن يستفز من داخل أعماقه لأجل دمعة سيدة كسر خاطرها على باب بنك..

ويسألني صاحبي لماذا كل هذا الحب تحمله للجيش, على الأقل.. الجيش يهزم فينا الدمع إن سال.. وينتج ألف قصة للفرح..

[email protected]

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF