عماد عبدالرحمن
لعل الموضوع الابرز تداولاً حاليأً على أجندة الأردنيين هو «التعليم عن بعد» وهل ستلجا الحكومة الى تطبيق هذا النظام، في العام الدراسي الجديد، الذي سينطلق بعد أيام، خصوصاً بعد الارتفاع الملحوظ في أعداد المصابين بفيروس كورونا، واحتمال العودة الى المنطقة الصفراء/لا قدر الله/ حسب التصنيف المتبع عالمياً والمطبق من قبل وزارة الصحة.
أكثر ما يقلق الاهالي حالياً هو تحملهم اعباء اضافية بدفع رسوم أبنائهم في المدارس الخاصة، مع بقاء ابنائهم في المنازل في حال تم تطبيق «التعليم عن بعد»، وهو ما يضعهم في حيرة نقل ابنائهم الى المدارس الحكومية، التي تطبق أيضاً مبدأ التعليم عن بعد، خصوصاً وأن معظم مداخيل الاهالي تضررت نتيجة تطبيق أوامر الدفاع وخفض الرواتب وتأخرها، وفقدان أرباب أسر لعملهم أصلاً.
فكرة التعليم عن بعد التي طبقت الفصل الدراسي الثاني من العام الدراسي المنصرم، لم تشهد تقييماً محايداً وقد تحتاج لوقت اطول للوصول الى تقييم علمي ومنهجي للإستراتيجية التي نفذت على نطاق واسع وما زالت تطبق في جامعاتنا لغاية الان، ولنعترف أن الاستراتيجية نجحت في جوانب معينة، إذ أنها أثبتت ان الظروف القاهرة لن تحرم طلبتنا من حق التعليم، كما كان الحال سابقاً، وهي حل أمثل عالمياً لمواجهة الأوضاع الطارئة، وتبقى مسألة توفر الامكانات والاجهزة الالكترونية للطلبة هي التحدي الاكبر خصوصاً في المناطق الفقيرة.
خلاصة تجربة التعليم عن بعد التي طبقت الفصل الماضي، تؤكد ان نجاحها ليس بقرار تربوي أو إداري أو حتى سياسي، بل هي رهن لجدية الطالب والمعلم ومتابعة الاهل، وآلية الرقابة الموضوعة من قبل مديري المدارس، والحق يقال ان الكثير من المدارس نجحت في تطبيق التعليم عن بعد، كما ان الكثير من المدارس لم تبذل الجهد المطلوب لإنجاح التجربة، أو انها تفاجأت به، وخير دليل على ذلك نتائج إمتحان الثانوية العامة المعلنة قبل أيام، فالدرس الاهم كان تحميل الطالب جزءا من أمانة المسؤولية، والصدق وعدم الغش، والكل يتحمل مسؤولياته في نهاية المطاف.
أما المعلم أو الاستاذ الجامعي فهو حجر الزاوية في إنجاح أو إفشال التجربة، كونه سيتحمل العبء الاكبر في التواصل مع الطلبة وتحضير الحصص وإيصال المعلومة للطلبة، والاجابة على اسئلتهم واستفساراتهم إلكترونياً، وما يترتب على ذلك من ضرورة إتقان المهارات الالكترونية سريعاً، والتواصل مع الاهالي وتقييم الطالب، فقبل الكورونا والتعلم عن بعد كنا نحتاج لمواعيد مسبقة للقاء الاساتذة اما الان اصبح التواصل مباشر وسريع ومن غير مواعيد.
أمام المشهد الضبابي وانتظار وترقب الجميع لما هو آت، يحتاج الموقف لقرارات حكيمة ومنطقية قبل بداية العام الدراسي، لإنصاف الطلبة والاهل والمعلم والمدارس العامة والخاصة، وفي هذه الحالة هل يمكننا التفكير بحلول مختلطة تتيح للطالب اختيار أسلوب التعلم سواء الدوام المدرسي المباشر ضمن محددات صارمة، أو التعلم عن بُعد، بشكل كامل، أو المزج بين كليهما وهو مطروح على أجندة وزارة التربية حالياً.
[email protected]