عماد عبدالرحمن
يعتبر ديوان الخدمة المدنية من أكثر المؤسسات الحكومية التي أثير حولها جدل وسيناريوهات متعددة لجهة مستقبلها منها الإلغاء، تقليص الدور، الاستمرار كما هي أو تحجيم دورها، كونها مؤسسة تُعنى بتوفير الوظائف للشباب والخريجين في الجهاز الحكومي، خصوصاً وانها مثقلة بأسماء مئات الآلاف من الخريجين والخريجات من العاصمة وكافة محافظات المملكة، ومنهم من مضى على تخرجه أكثر من 25 عاماً.
التسريبات والتصريحات التي تخرج بين الحين والآخر بخصوص مستقبل ديوان الخدمة المدنية، هي نتاج دراسات وبحث عميق لواقع احتياجات سوق العمل، ومخرجات المنظومة التعليمية بشقيها «الاكاديمي والتقني»، لكن أيّاً كانت الخيارات المستقبلية لهذه المؤسسة التي يعتبرها كثير من الاردنيين حصنهم الاخير للحصول على وظيفة في القطاع العام بعيداً عن أي اعتبارات أو حسابات أخرى، فلا مجال للحديث عن أي تجربة جديدة غير محسوبة أو دقيقة النتائج.
وفي ظل شُح الوظائف الحكومية وإستخدامها في حدها الأدنى، وترشيق القطاع العام، يمكننا اعتماد مبدأ الجدارة والكفاءة والتنافسية النظيفة في توظيف طالبي فرص العمل، دون انتظار منة أو شفاعة من أحد، مع ضمان الرقابة المشددة على إدارة الامتحانات التنافسية والمقابلات الشخصية، ولا ضيرَ من تكليف قضاة بإدارة ملف التعيينات تعزيزاً للنزاهة والعدالة والمساواة، لكن مع الاخذ بعين الاعتبار أقدمية طلبات التوظيف، فلا يمكن تجاهل أن طالب الوظيفة درس في الجامعة أقلها 4 سنوات، وكلّف موازنة عائلته، وحكومته التي تدعم التعليم مبالغ كبيرة، مع دراسة وضعه الاجتماعي وحاجته للوظيفة، وتوفر الكفاءة والجدارة لديه.
إدارة الموارد البشرية الأردنية، سطرت قصة نجاح يشهد لها الجميع إقليمياً ودولياً، ولا يجب أن ننتقص من هذا الانجاز، لكننا بحاجة إلى تقييم عميق واستشراف واقعي للمستقبل، مع وجود أكثر من 400 الف طلب وظيفة عامة لدى ديوان الخدمة، خصوصاً وأن دور ديوان الخدمة المدنية تراجع كراسم لسياسات إدارة المواد البشرية، وتقلص دوره للمشاركة في إعداد جدول تشكيلات الوظائف وتزويد الوزارات باسماء المرشحين لها.
في عام 2012 حصل نحو 6 الاف خريج جامعي على أرقام ضمان اجتماعي بعد التحاقهم بالوظيفة في القطاعين العام او الخاص، من أصل 24 الف خريج وخريجة حصلوا على شهادات البكالوريوس في ذلك العام، بما يعني ان نسبة الحاصلين على وظائف قبل نحو 10 سنوات تصل الى 25 بالمئة، هذا عدا عن الحاصلين على وظائف خارج المملكة، أو مشاريع فردية أو وظائف بلا أرقام ضمان اجتماعي، لكن الان وبعد أزمة «كوفيد 19» تغيرت المعادلة وارتفعت نسبة البطالة، وصار همنا المحافظة على الموظفين في أماكن عملهم، وهذا بحد ذاته تحدٍ كبير يتطلب فكرا جديدا واستفادة من دروس الازمة في توجيه الموارد البشرية لفضاءات جديدة في مجالات الذكاء الصناعي وإدارة المعرفة والتكنولوجيات الحديثة ودراسات قراءة واستشراف المستقبل.
[email protected]