عماد عبدالرحمن
يراهن الاردن بعد تخطيه تداعيات أزمة «كوفيد 19» العالمية على سياحة الاستشفاء، حيث كان ولا يزال مقصداً للسياحة العلاجية من دول المنطقة ودول أجنبية كثيرة، ولأن هذا المجال تطور كثيرا في السنوات الأخيرة ودخلت دول جديدة على خط المنافسة، أضحى لزاماً على المعنيين بإدارة هذا القطاع الانطلاق نحو آفاق جديدة تجذب طالبي الاستشفاء، وترفع من تنافسية المنتج الاردني أمام المنافسين.
في الأردن يوجد مئات المستشفيات الحديثة المتطورة وعشرات الالاف من الأطباء والممرضين والفنيين المحترفين والمهرة، الذين سطروا أسماءهم على لوائح الشرف العالمية من باب التميز العلمي والمهني، والعمليات النادرة والانجازات الطبية في المنطقة وخارجها، لكن هل من الممكن الركون الى الاجراءات التقليدية التي اتبعناها سابقاً للترويج للأردن الطبي؟.
طالما نتحدث عن قطاعين مترابطين هما «السياحة والصحة»، نحن إذا بحاجة للتفكير بآليات جديدة تربط القطاعين ببعضهما، من حيث الإدارة والتنظيم وتوفير البيانات والمعلومات، ولا نستطيع تجاهل الاطراف الاخرى مثل النقابات الصحية، إدارات المستشفيات، جمعية المستشفيات الخاصة، قطاع النقل، جمعية الفنادق، شركات التأمين، المطاعم وأي جهة أخرى ذات علاقة.
الربط يكون من خلال مسارين، الاول: تأسيس شبكة تعاون وتفاعل إلكتروني محلية تربط جميع الجهات ذات العلاقة، هدفها تنظيم الاجراءات والتشريعات، وتنسيق تقديم الخدمة السريعة لطالبي الاستشفاء من خارج الاردن، ابتداءً من وجود المريض في بلاده وانتهاءً بوصوله الى المملكة وبدء تلقيه العلاج، وبعد ذلك طلبه لسياحة الاسترخاء في البحر الميت او العقبة او ماعين.
المسار الثاني: خلق شبكة طبية إلكترونية طبية وتكنولوجية أردنية عالمية تربط أطباء الاردن في الوطن والمهجر، لتبادل الرأي والخبرة ونقل أحدث وسائل التكنولوجيا الطيبة، خصوصاً في الولايات المتحدة وأوروبا، على أن تتضمن هذه الشبكة مساحات ونوافذ تتيح لطالبي الاستشفاء في الاردن، الحجز والدفع وتحديد المستشفى والطبية والفندق، ووجهة الاستجمام وهو في منزله، لما لذلك من أثر كبير في التوفير على الزائر الوقت والجهد وتحديد الكُلف والاقامة(..).
يمكن أيضاً، اعتماد منظومة حوافز وشهادات اعتماد دولية للمستشفيات والفنادق التي تتميز على صعيد تقديم الخدمة وتوفير الراحة للقادمين من مختلف دول العالم، وتقدم لهم أسعاراً مناسبة ومنافسة، ومحاولة حصر التخصصات الطبية النادرة بمستشفيات بعينها، لتصبح علامة تميز المستشفى (الفلاني) بجراحة الاعصاب، والاخر بجراحة التجميل، وثالث بجراحة القلب والشرايين(..).
خلال تحدي وباء «كورونا» أثبت الاردن للعالم انه تجاوز هذا التحدي بعد أن تنبه مبكرا لآثاره وتداعياته، فنجح في درء أخطاره عن مواطنيه وزواره والمقيمين على أرضه، الآن يستعد الاردن للتحول الى بلد آمن للسفر والعلاج بعد اعتماده عالمياً، ولديه مقومات كاملة ليكون مركزاً استشفائياً إقليمياً وعالمياً من داء كورونا وغيره من نواحي الاستطباب، لكن كل ما نحتاجه الان تعريف دقيق لمفهوم السياحة الطبية ما بين الإحتياجات والرؤى المستقبلية، وتوحيد مرجعيات القطاع لتنظيم الإجراءات والسياسات والضوابط التي تنظم قطاع السياحة الطبية في الاردن.