د. فيصل غرايبة
يمتد سعد السعود من 24شباط/ فبراير إلى 08 آذار/ مارس، ومدّته (12.5) يوم. وسعد السعود هو ثالث السعود الأربعة التي ينزلها القمر وثالث خماسينية الشتاء، بلع وقبل " ويأتي بعد "سعد " سعد الخبايا" وقالت العرب فيه: إذا طلع سعد السعود، نضر العود، ولانت الجلود، وذاب كل مجمود، وكره الناس في الشمس القعود؛ إذ أن المياه أصبحت تجري في عيدان الأشجار، فأصبحت نضرة غضه وتلين الجلود بعد أن جفت في فصل الشتاء وتنصهر المجمدات.
ومن مأثور الحكايات عدة أقول شعبية حول سعد السعود، منها أن العرب كانوا يعتبرون أن طلوع سعد السعود هو ابتداء كمال النبت والزرع فيقول"الكميت":
ولم يك نشؤك لي لذل نشأت .. كنوء الزباني عجاجاً ومورا
ولكن بنجمك سعد السعود .. طبقت أرضي غيثاً درورا
فقد أراد القول أنه ببركة سعد السعود جادت السماء بالغيث.
ويقول جرير في قصيدة له يهجو بها الفرزدق:
أسقى المنازل بين الدم والادما .. عين تحلب بالسعدين مدارا.
وهو يعبر عن التفاؤل بسعد السعود.
ولا يزال عامة الناس في المشرق العربي يرددون " في سعد السعود بتدور الميه بالعود ويدفأ كل مبرود".
ويمر سعد السعود علينا هنا في الأردن في هذا العام ووزير الصحة عندنا اسمه سعد جابر، ذاك الطبيب الذي تدرج في مسيرة الخدمات الطبية العسكرية، والذي لا أعرفه بصفة شخصية، وقد بدى لنا من أنه يتابع بصرامة الاجراءات الواجبة، وكيف ينبغي أن تكون سريعة وفعالة، تصل إلى مصادر الوباء، وتأخذ باسباب الوقاية، وتحقق نجاعة العلاج، ويجد والحمدلله التجاوب من مختلف الأذرع الطبية والصحية، المدنية منها والعسكرية، الرسمية منها والأهلية، العامة منها والخاصة، وتلقى هذه الجهود والخدمات الترحاب في مختلف صفوف الشعب.
وفي تراثنا الشعبي العربي قصة تروي أن شاباً يطلق عليه اسم "سعد" قرر السفر، وكانت الأجواء دافئة عندما قرر الخروج خلال فصل الشتاء، وقد نصحه والده بأن يحمل معه ما يدفئ به نفسه من البرد سواء من الفراء أو الحطب، إلا أن سعداً لم يستمع إلى نصيحة أبيه، وبعد أن سار حتى منتصف الطريق، تغير الجو فجأة وأصبح البرد قارساً، فهطلت الأمطار الغزيرة والثلوج، ولم يكن أمام سعد سوى أن يذبح ناقته التي يملكها، ليحتمي بأحشائها من شدة البرد. لذا سميت هذه الفترة التي تمتد من 1-13 شباط/فبراير بـ "سعد الذابح". وبعد أيام شعر سعد بالجوع ولم يكن أمامه إلا أن يأكل من لحم الناقة، وبذلك أطلق على هذه الأيام "سعد ابلع"، وتمتد من 13 شباط-25 شباط. وبعد أن انتهت العاصفة وأشرقت الشمس فرح سعد واحتفل بنجاته وسمي "سعد السعود " 26 شباط حتى 10 آذار،وقام سعد بعد ذلك وخوفاً من أن تتكرر العاصفة مرة أخرى، بصناعة معطف له من وبر الناقة، كما أخذ من لحم الناقة المتبقي، وسمي "سعد الخبايا" 10 آذار-22 آذار، بداية الاعتدال الربيعي وما علينا اليوم الا التجاوب مع الإرشادات والتعليمات التي تصدر من أجل سلامة المواطن وصحته، والابتعاد عن المخاطر ولا تأخذنا العزة بالاثم وأن نبتعد عن حبك الشائعات وترويجها ومن ثم تصديقها والتمرد على الواقع على أساسها.
مقارنة بيانات منظمة الصحة العالمية خلال الاشهر الماضية يستنتج منها خطورة الوضع الحالي، ولحين أن يتمكن الجنس البشري من اكتشاف لقاح ضد هذا الفيروس فبات من المؤكد ضرورة إيقاف دوران عقارب ساعة الحياة في معظم بلدان العالم، وذلك من خلال فرض حظر تجول شامل على حركة الناس لمدة أسبوعين على أقل تقدير، لتفادي ما هو اسوأ قادم، وعندها لن تتمكن البنية التحتية للقطاعات الصحية في العالم من مساعدة الأعداد الهائلة من المصابين أو غيرهم من المرضى.
لذلك فالجائحة العالمية يجب أن لا تؤخذ باستهتار، فالحكومات وحدها لا يمكن أن تسيطر على تفشي الوباء إلا إذا التزم الناس في تلك الدول بالتعليمات ومنهم الأردنيون. قانون الدفاع الذي تم تفعيله مؤخراً وانتشار الجيش لفرض حظر التجول كان أمرا ضروريا لمنع انتشار الوباء في الأردن، ويصب في مصلحة الجميع، أما الجهود الحكومية والأمنية والطواقم الصحية التي بذلت وما تزال، وتهافت الجميع على التبرع بسخاء لمساعدة وزارة الصحة في مواجهة هذه المحنة العصيبة، تستحق كل الثناء والتقدير منا جميعاً.
عضو المكتب التنفيذي لحزب الإصلاح
[email protected]