د. فايز الربيع
في ظل تراجع الدور الرقابي لمجلس النواب، فلم ينجح مجلس في استكمال طرح الثقة في أية حكومة، وبغض النظر عن الجهة أو الكتلة التى تتبنى المشروع، وفي ظل ضمان الأغلبية لأي قانون، وأيضاً بغض النظر عن كون القانون مفصليا، سياسيا أو اقتصاديا، ويحظى برأي عام شعبي، لا يستطيع بعض النواب ضمان تمريره، وفي ظل تراجع الدور الرقابي للنواب، وتقتصر الملاحظات الرقابية في كثير من الأحيان على تصفية حسابات ضيقة، ومع مرور الزمن تصبح العلاقة بين النواب والحكومة علاقة تبادل مصالح، ويتروض النواب لما تطلبه الحكومة، لأن الحكومة تتماشى مع ?صالحهم، ويصبح تنفيذ المصالح الخاصة بالطلبات الخدماتية هي العنوان للعلاقة، وتغيب الشعارات السياسية وحساب من يستحق ان يحاسب ممن كان لهم الدور السلبي في المسيرة السياسية أو الاقتصادية.
النواب القدامى يبدأون بجرد حساباتهم من الخدمات، أنا وظفّت عدد كذا وحصلت على الآف الإعفاءات الطبية، ونقلت عدداً من الممرضين والموظفين وكنت سبباً في تعيين مديرين في وزارات مختلفة، أو في الفئة العليا وساهمت في عدد من المنح الداخلية والخارجية، ومددت خطوط ماء، وكهرباء على حساب كذا أو كذا، وعبّدت كذا شارع كلها مصالح طيبة لمواطنين لم تصلهم حقوقهم، بسبب غياب الحاكمية الرشيدة والشفافية والعدالة وكلها أشياء عندنا من الضروريات بينما هي في الغالب من الحقوق وواجب على الحكومات تنفيذها، وكما قلت لأكثر من رئيس حكومة، لو ا?ترتم الرجل المناسب في المكان المناسب، لما تجاوزت طلبات الناس المراتب الدنيا في الوظيفة، لإنها من مسؤوليات مديري الدوائر أو الأمين العام، وقلمّا تصل إلى الوزير، ولكن مركزية القرار لدى كثير من الوزراء، بالرغم من التطوير والتفويض للصلاحيات يبقى الوزير صاحب قرار في مثل هذه الخدمات.
إذاً يبدأ مشروع النائب بوضع لافتة تهنئة بالعيد مثلاً، وهو لفت نظر أنه يرغب بالترشيح، وتكون لديه خطة أن لا يفوته عزاء، أو ربما يكون أحرص من أهل الميت على الدوام، وينتهز الفرصة للسلام، والحديث الجانبي مع الحضور، وربما يتم عمل غداء لأهل الميت، أما في الأفراح فيكون محل العريس حضوراً، ولا ينسى أن يضاعف النقوط، ولا يفوته زيارة مريض في المستشفى وبعد أن يخرج سالماً، أما طالب «التوجيهي» فله نصيبه أيضاً، ولديه ميزانية للتبرع للنوادي والجمعيات، هو يقدم خدمات، لم يعرف عنه موقف سياسي، أو تاريخ حزبي، والتصويت غالباً ?ي الانتخابات هو للشخص، حيث لا برامج يصوت عليها، ولا تكتلات حزبية، و القوائم فيها شخص واحد، والبقية (حشوة) لإكمال العدد، لا ينسى مشروع النائب أن يكون لديه عصبة عشائرية حيث الانتخابات في المحصلة النهائية عشائرية في الغالب، ما بدأ به مشروع النائب للتحضير للانتخابات سيكمله بعد النجاح في تقديم الخدمات، لأنها هي الرصيد الذي سيقدمه لاحقاً، تضارب مشروع اللامركزية في الخدمات والنواب وتداخلهما يجعل الأمر أكثر صعوبة في الفصل بين ما هو خدماتي أو رقابي او تشريعي هكذا كانت المجالس ولا أرى أنها ستتغير الآن.