د. محمد كامل القرعان
يمكن للإعلام في الأردن أن يقوم بدور مهم وحاسم في مجالات التثقيف والتوعية وإدامة الحوار من أجل تفعيل دور المواطن في بناء صروح التنمية ودعوة المواطنين إلى المشاركة في صنع القرار من خلال حسر الهوة بين المواطن والمسؤول وبناء حوار مؤسس على الثقة والشراكة التفاعلية وبعيداً عن الأجندة الضيقة المتخندقة.
ورغم أهمية الاعلام إلاّ أنّ هناك قيود تهدّد فعاليته ( معوقات و مشاكل) تحول دون الوصول إلى تحقيق أهدافه ، فتحقيق فعالية الاعلام إذن تتوقف على مدى خلو دورة الاعلام من المعوقات التي تشوّه دوره وتتدخل فيه أو تحد من التأثير الذي تحدثه تلك المعلومات، أو من تحقيق الهدف الذي من أجله يتم ذلك.
والمتتبع للإعلام والتنمية السياسية يرى أن الإثنين يكملان بعضهما بعضاً فلا يمكن تحقيق تنمية سياسية حقيقية في ضوء غياب الإعلام ، ذلك أن الإعلام هو الوسيلة الأسهل لتوصيل الأفكار والقناعات إلى المواطنين، وبالمقابل أيضا لا يمكن أن يتحقق الإعلام الهادف من دون تنمية سياسية تدفع إلى معرفة الحقوق والواجبات وتسعى دائما على خط واحد هي ووسائل الإعلام المختلفة وعلى رأسها الصحافة إلى خدمة الوطن والإنسان في شتى الميادين.
وبما أن الصحافة كانت وما تزال السلطة الرابعة والرقابية وأداة التواصل بين صناع القرار والمواطنين ، وأن حرية الصحافة أساس المبادئ الديمقراطية في أي مجتمع بحيث تشارك الصحافة الحرة بتشكيل الرأي العام تجاه قضية من القضايا السياسية وغيرها.
فقد كان للصحافة وللاعلام أثر كبير في الحياة السياسية بشتى أنواعها ومن ضمنها موضوع التنمية السياسية فمنذ أن نشأت فكرة التنمية السياسية والصحافة الأردنية تهتم نوعا ما وتشجع التنمية السياسية وبعضها افرد صفحات حول مواضيعها المثارة كالإصلاح السياسي والاقتصادي ومحاربة الفساد والمحسوبية وموضوعات قوانين الأحزاب ومجالس النواب وغيرها.
فوسائل الإعلام هي في الحقيقة مرآة تعكس تنوع الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والإعلام في الدول الديمقراطية أوسع مجالاً للحريات بتعدد مصادره ومؤسساته. أما في الدول الشمولية فهو أحد أجهزة الدولة الذي يوجه بحسب قناعات.
وعندما نتحدث عن الاعلام فأننا نتحدث عن التنمية ، ويخطر لدينا أنواع كثيرة من مجالات التنمية كالتنمية الاقتصادية، والتنمية الاجتماعية، والتنمية البشرية، ولكن مفهوم التنمية الحقيقى والشامل أعمق من أن نختزله في مجال تنمية محددة.
ولأن المجتمع الإنساني يختلف بحاجاته واهتماماته ومجالاته، فقد كان لابد لأي فرد أو مجتمع أو حتى دولة أن تركز في اعلامها الوطني على جوانب مختلفة من جوانب التنمية السياسية التي تعني كل المجتمعات والأفراد والدول .
من دون دعم اعلامي يصعب تحقيق تنمية سياسية ، ولا يمكن لأي مجتمع أن يزدهر دون تنمية سياسية ويتطور إلا إذا كان يعيش حالة حقيقية من الحريات الاعلامية والديموقراطية والمشاركة السياسية ويملك ايضا الوعي السياسي الحقيقي لمعرفة حقوقه وواجباته المنوط بها سعياً لتحقيق مجالات التنمية الأخرى كافة .
أما في الأردن فقد طرح مفهوم التنمية السياسية لأول مرة بشكل واضح في عهد الملك عبدالله الثاني وبالتحديد في كتاب التكليف السامي لحكومة فيصل الفايز بتاريخ 23 تشرين الأول لعام 2003، وأعقب ذلك مباشرة تأسيس وزارة التنمية السياسية بمبادرة ملكية، من أجل التأكيد على سعي الإرادة السياسية الملكية لإشراك جميع فعاليات وقطاعات المجتمع في (عملية التنمية السياسية وتسريعاً لخطا الديموقراطية).