د. فيصل غرايبة
لعل أفضل أساس وأمن منطلق للإنسان في دروب هذه الحياة هو ما جاء في سورة العصر في القرآن الكريم التي تقول:
«والعصر* إن الإنسان لفي خسر* إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر*»
إذ أن هذه السورة من كتاب الله، تهدي إلى الأعمال الصالحة، وتوصي الإنسان بأن ينتصر للحق وأن يتحلى بالصبر، ومن الصائب أن تكون تلك الآيات نبراساً له وهداية، في جميع مفاصل حياته، وفي تعامله مع أي إنسان، في كل زمان يعيشه وفي كل مكان يقيم فيه. كما أن هذه السورة تؤكد على أهمية الوقت في حياتنا، عندما أقسم جلت قدرته بالعصر، وهو جزء مهم من النهار، تدليلاً على أهمية الوقت، مما أوجب عدم إضاعته، وهكذا يكون الإنسان حريصاً على استثمار الوقت، وحتى لا يضيع الوقت هدراً، ولا يسلم نفسه للكسل.
إن الحق يعلو ولا يعلى عليه، مهما تمادى الباطل ومهما أغفل الناس عن الحق، تنسحب هذه القناعة على الأفراد مثلما تنسحب على الشعوب، ولا بد للباطل أن يختفي.
إن مسيرة حياة المواطن الأردني خاصة والعربي عامة، بما مضى منها وبما تنظر إليه في قابل أيامها، في إطار سعيها وبحدود إمكاناتها، ووفقا لطموحاتها وتطلعاتها، ووفقا لتطلعات الأمة وطموحات أبنائها، تحتم تمسك الإنسان بحقوقه وأدائه لواجباته، وقد نشأ وترعرع وقد اختار السير على جادة الصواب والصراط المستقيم، وفقا لقناعاته واجتهاداته وإيمانه، في الوقت الذي يبحث فيه عن مستقبله ومستقبل مجتمعه الصغير كما مجتمعه الكبير، وفقا لهذا الخط ومع أوتار هذه الواقع، تفهما وتآلفاً وانسجاماً.
وتبعاً لذلك يتشابك الطرح الفكري العربي الراهن بين عدد من العناصر المؤثرة في مسيرة التقدم في الوطن العربي، وفي حل معضلة التنمية، سواء على صعيد العوامل والأسباب للصيرورة السالبة والضعيفة للإمكانيات العربية في تحقيق التقدم وإنجاز التنمية، أو على صعيد النتائج والتداعيات التي أنتجتها تلك الصيرورة والصور التي آلت إليها تلك التنمية وذاك التقدم. تلكم العناصر التي تبدأ بالاستعمار فالاستقلال الصوري منه أم التام، فالتبعية فالعولمة المتحكمة، كلها عوامل مؤثرة في التخلف المادي المعنوي الذي خيم وما يزال يخيم على الحياة العربية، وهي مسؤولة عن الجهل والفقر ومختلف ألوان المأزق التنموي، كالاحتكار والاستغلال والفساد وفقد العدالة وسوء الأداء وتزعزع الثقة، وهي عناصر خارجية طاغية يصعب التخلص منها أحدثت أوضاعاً داخلية مستديمة، يصعب القضاء عليها، ترافقها وإن لم يكن أوحت بها عناصر داخلية أخرى، ساهمت في خلق الأوضاع السالبة، التي تعاني منها الحياة العربية مثل: التعصب والتقليدية والتشدد والانغلاق، إلى جانب عدم التحلي بالموضوعية والمثابرة والإبداع والشعور بالمسؤولية.