د. أحمد يعقوب المجدوبة
صادف يوم الجمعة الماضي اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني. وهو مناسبة مهمة للتّذكير بالحق الفلسطيني ولإبقاء القضية حية، إقليمياً ودولياً، في وجه العدوان الإسرائيلي، الذي يتم بمساندة من الإدارة الأميركية.
والمتابع للمشهد يجد أن هنالك تضامناً دولياً حقيقياً ومتنامياً مع الشعب الفلسطيني، والذي يتجسد في عدة أبعاد مهمة: سياسية واقتصادية وثقافية وفنية وشعبية. ولا بد لكل معنيّ بالقضية الفلسطينية من أن يتفاعل معه من أجل استثماره وضمان استمراره؛ فوقوف شعوب العالم وحكوماته مع الحق ضد الباطل ينعكس إيجاباً لا محالة في معركة الحق ضد الباطل.
وهنالك أيضاً تضامن عربي لا يجب الاستهانة به، رغم الحالة الصعبة التي تمر بها عدة دول عربية.
وفيما يخصّنا فإن اليوم العالمي هذا مهم للتذكير بالتضامن اللامحدود والدعم الفاعل اللذين يقدمهما الأردن، والتأكيد على أهمية استمرارهما انتصاراً للقضية التي يراها الأردن قضية العرب الأولى.
فالأردن هو العزوة والسند والشقيق وتوأم الروح واللاعب السياسي الأهم.
ومن الصعب الإحاطة بما يقدم الأردن للشعب الفلسطيني وللقضية، فهو يقدم الكثير اقتصادياً واجتماعياً وتربوياً وصحياً ولوجستياً وإعلامياُ وسياسياً، بدءاً من المستشفيات الميدانية التي تقدم خدمات غاية في الحيوية، ومروراً بدعم المقدسات وحمايتها، وانتهاء بالانتصار للقضية في كافة المحافل.
فالأردن، بحكم موقعه والعلاقة التاريخية مع القضية واللحمة الديموغرافية والانتماءات العروبية ومصالحه العليا، هو الرئة الثانية للشعب الفلسطيني، والجار الأدفأ حضناً.
بيد أن من أهم ما يقدمه الأردن هو العمل الدبلوماسي المحترف، إزاء القضية الفلسطينية، على الساحتين العربية والدولية.
قبل مدة، عندما أوقفت الإدارة الأميركية دعمها لمنظمة الأنروا، الأمر الذي كان سيتمخض عنه ضرر كبير لملايين الفلسطينيين، قادت الدبلوماسية الأردنية حملة نشطة للبحث دولياً عن دعم بديل، ونجحت في ذلك نجاحاً لافتاً.
وقبلها بسنوات نجحت الجهود الأردنية، رغم معارضة أميركية وإسرائيلية شرسة، في جعل منظمة اليونسكو اعتبار العديد من المعالم الدينية والتاريخية والأثرية الفلسطينية معالم تراثية محمية، مفوتة على إسرائيل سعيها لتغيير معالمها أو تهويدها. وأهم ما تقدّمه الدبلوماسية الأردنية هو ما يقوده جلالة الملك من حراك دولي نشط ومؤثر، لإبقاء القضية حية في المحافل الدولية، والتذكير بالحقوق الفلسطينية بكل جرأة وفصاحة، والتأكيد على الحلول العادلة المنصفة التي يمكن أن تفضي إلى سلام حقيقي.
وآخر ما قدّمه جلالته في هذا السياق حديثه قبل أيام في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، والذي أكد خلاله بكل دقة ووضوح أن لا سلام في المنطقة والعالم دون حلّ عادل للقضية الفلسطينية. ولعل التضامن العالمي المهم الذي أشرنا إليه أعلاه، ما هو إلاّ في جزء كبير منه، نتيجة طبيعية للجهود الدبلوماسية التي قادها الأردن لمئة عام دون كلل أو ملل، من عهد عبد الله الأول، مروراً بعهديّ طلال والحسين، إلى عهد عبد الله الثاني حفظه الله.
مهم جداً التذكير بالدعم الأردني، الأكثر زخماً والأعظم أثراً والأقوى تركيزاً؛ ومهم جداً التأكيد على استمراره وديمومته، في عالم اختلطت فيه الرؤى وانقلبت فيه بعض الموازين.