د. فايز الربيع
منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى ادم عليه السلام، كان تالياً لذلك خلق حواء بغض النظر عن الخلاف في الكيفية التي خلقت بها ولكن الله تعالى يقول (وجعل منها زوجها ليسكن إليها)، فجعل العلاقة علاقة سكن ومؤانسة وعون وإعانة وتوزيع مسؤوليات كل حسب ما هيأه الله له، ثم جاء الدين والذي هو اختيار الهي وليس انحيازاً بشرياً، ليضع الأسس عبر توالي الديانات ليتحدث عن الطبيعة البشرية لكل من الأنثى والذكر، كلاهما مخلوقان من مخلوقات الله، فلا يمكن أن يكون هناك جور في العلاقة على أي منهما إلا إذا وضع البشر لنفسهم تقاليداً اجتماعية أو قوانين يسيرون عليها، توافق هوى البعض وتكرس سلطة أحدهما على الآخر، أما سلطة تبعية مطلقة أو تحرر مطلقة وكلا السلطتان متطرفتان في حق الرجل و حق المرأة، ولا أريد هنا أن أدخل في نظرة بعض الديانات إلى المرأة فذلك أمر يتحدث فيه أهل هذه الديانات سلباً أم إيجاباً، ولكنني في مقال مختصر كهذا سأؤشر على بعض القضايا الهامة التي أشغلت نتيجة القيام بها الرأي العام، والتي أثبتت بعدنا الكامل عن هدى النبوة، ووضعتنا في خانة متقابلة أطرافها متناقضان فنحن اما أصبحنا جزءاً من تقاليد راكدة أو تقاليد وافدة.
الإسلام جعل الزواج مودة ورحمة، وسكن، وركز على العشرة بالمعروف أعطى المصاهرة درجة عالية من القرابة واللحمة، وأرجعنا الى الأصل الواحد في الخلق ذكوراً واناثاً، وضرب لنا أمثلة أما بالاسم أو الصفة أو المكانة لنساء خلدهن التاريخ و ذكرهن القرآن في معرض المدح، وأحياناً في معرض الذم، ليؤكد ان نفس الطينة البشرية من ذكر وأنثى فيهما نفس الطباع من الطاعة أو المعصية، وركز على أن الدرجة التي أعطى الإسلام فيها القوامة للرجل هي قوامة تكليف و ليس تشريفاً، وأن صفات الكفر والإيمان لا ينفرد بها الذكر او الأنثى بل هي جزء من طباع النفس الإنسانية، أما الضرب وهو جزء من حياة بعض الأسر، سواء في مجتمعاتنا أو المجتمعات الغربية فقد فسرت الآية على غير وجهها، فالضرب يأخذ معاني كثيرة وكما ورد في القرآن الكريم في كل الآيات التي جاءت فيها كلمة ضرب أو مشتقاتها، فهو الأعراض والتجاهل، والسعي في الأرض والأعراض، والسير، والقول، والتعطيل والصنع، ووضع الشيء، والحركة، والعمل.
إذا كانت الآية التي تتحدث عن النشوز من الرجل تستدعي الإصلاح، فالنشوز من المرأة يستدعي الضرب، علماً بأن معنى النشوز ليس هو الخلاف على مقتضيات الحياة اليومية، وإنما ما يؤدي الى التعالي والرغبة في الاستبدال والسير في طريق تؤدي إلى افساد العلاقة، ناهيك على ان الأحاديث الواردة في الضرب في مجملها غير صحيحة، والطاعة لا تعني العبودية و إنما تعني الاستجابة، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهى عن ضرب الحيوان فهل يطلب أن يضرب الإنسان؟