د. أحمد يعقوب المجدوبة
شرّفتني رئاسة الجامعة الأردنية بانتدابي لتسلّم شهادة من مؤسسة «كيو أس» العالمية تفيد بحصول الجامعة على المرتبة الأولى وطنياً والعاشرة عربياً في تصنيف «كيو أس» للجامعات العربية للعام 2020.
وقد أقيم الحفل في دبي برعاية وزير التعليم العالي الإماراتي وتنظيم من مؤسسة «كيو أس» وجامعة الإمارات.
وهذه هي المرة الثالثة تباعاً التي تحتل فيها الجامعة الأردنية هذه المكانة المرموقة من بين 1200 جامعة عربية تمكنت من دخول التصنيف منها 131 جامعة فقط.
وشملت معايير التصنيف السمعة الاكاديمية وتوظيف الخريجين والبحث العلمي ونسبة الطلبة لأعضاء هيئة التدريس ونسبة المدرسين والطلبة الأجانب وغيرها.
وهذا إنجاز نوعي يضاف إلى إنجازات الجامعة الأم، التي حظيت منذ تأسيسها بدعم ورعاية كريمة من جلالة الحسين رحمه الله ومن جلالة الملك عبد الله الثاني أمدّ الله في عمره.
ويُعزى هذا الإنجاز إلى تميّز الطلبة، وتفاني الأساتذة والإداريين ومؤازرة الخريجين وحسن إدارة القيادات المتعاقبة.
وهو إنجاز يُسجل للتعليم العالي الأردني، الذي تبذل جامعاته جلّ وسعها في عالم تزداد فيه المنافسة والدفع نحو جودة التعليم وفاعلية البحث العلمي.
تعجز الكلمات عن وصف إنجاز الأردنية والذي لم يكن سهلاً، ولا يمكن تخيّل أهمية وصعوبة ما حققته إلا عندما نلقي نظرة على الجامعات التي اشتركت معها في حجز مكان من الأماكن العشرة الأوائل.
هي كلّها جامعات «مقتدرة»، فهي إما مدعومة دعماً مادياً سخيّاً من حكوماتها، مثل الجامعات الخليجية الشقيقة كجامعة الملك عبد العزيز والملك سعود والبترول والمعادن وقطر والسلطان قابوس، أو الجامعات الأميركية في المنطقة المدعومة بالرسوم والتبرعات، مثل الأميركية في بيروت والأميركية في القاهرة والأميركية في الشارقة.
الجامعة الأردنية هي الجامعة الوحيدة في نادي العشرة الأوائل التي لا تتلقى الدعم المادي الكافي، والتي لا تغطي رسومها كلفة الطالب.
يستغرب البعض عندما تُخبرهم إنّ الدعم الحكومي يشكل 4% فقط من الموازنة، وأن ما يدفعه طالب الطب أقل بكثير مما يدفعه رضيع في حضانة!! لا بل إن رسوم العديد من الجامعات الرسمية أعلى من رسوم الأردنية، ففي حين يدفع طالب الطب في الأردنية، وهي الكلية الأولى وطنياً، 45 ديناراً للساعة، يدفع طالب الطب في جامعات شقيقة أنشئت بعد الأردنية 95 أو 100 دينار!!!
وإذا كنّا نُركّز على العامل المادي هنا، فلسبب بسيط، وهو أن التعليم عالي الجودة والبحث العلمي الرصين، وهما عماد الأداء المتميز، مُكلفان. لا يمكن لأي جامعة أن تُنافس، إذا لم تستطع توفير الأموال لاجتذاب أساتذة وباحثين مميزين، وتوفير بنية تحتية تعليمية وبحثية وتقنية ملائمة، ومرافق عصرية، وميزانيات لمؤتمرات علمية وابتكارات ذات قيمة.
ما حققته الأردنية بِشُحّ إمكاناتها معجزة، وبالذات إذا علمنا أنها تقدمت على أعتى وأقدم وأغنى الجامعات.