د. أحمد يعقوب المجدوبة
كثيرٌ في عالمنا يندرج تحت مفهوم الصحيح، وكثيرٌ تحت ما هو غير صحيح.
الصحيح أن فلسطين أساساً احتلت واغتصبت من قبل الحركة الصهيونية الغربية العنصرية الاستيطانية الاستعمارية، بدعم من الاستعمار البريطاني في حينه والآن اللوبي الصهيوني في أميركا الذي يغدق على إسرائيل مليارات وأسلحة لا حصر لها، وأن فلسطين هي للفلسطينيين العرب.
والصحيح، بعد ذلك، أن قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن التي تنص على انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي التي احتلتها بالقوة وعلى حق الفلسطينيين في دولة مستقلة عاصمتها القدس وعلى حق اللاجئين في العودة والتعويض، وجميع الاتفاقيات والتفاهمات التي تصب في هذا الاتجاه، يجب أن تُحترم.
والصحيح أن استمرار الكيان الصهيوني في الضرب بالحقوق بعرض الحائط والتوسع والعدوان هو أمر مرفوض، وكذلك سعي أميركا لفرض صفقة واضح أنها سيّئة لأن أبطالها صهاينة منحازون لإسرائيل.
والصحيح أن قيام إسرائيل بمحاولة إقناع العالم ودول المنطقة بأنها مع سلم المنطقة واستقرارها وأنها يجب أن تكون جزءاً من أي حلف ضد القوى المهددة لأمن الإقليم إنما هو تدليس وهراء، لأنها – باحتلاها الأراضي الفلسطينية والعربية ولجوئها للقوة والخداع – هي المُهدّد الرئيس لأمن المنطقة واستقرارها.
الصحيح أن موقفنا من القضية الفلسطينية وأمن المنطقة واستقرارها، الموقف الرافض للعنف والتأزيم والاستقطاب والاحتلال، هو الصحيح؛ وأن موقف الكيان الصهيوني والإدارة الأميركية الحالية، القائم على الابتزاز والتسويف والمغالطات التاريخية والسياسية، هو غير الصحيح.
نسوق هذه المقدمة لنقول إن الضغط علينا من قبل إسرائيل وأميركا ومن يدور في فلكهما للقبول بما هو غير صحيح يجب أن يُقابل بالرفض التام لأن مثل هذا الأسلوب في حل القضايا لا يمكن أن ينجح، لا بل إنه يزيد الأمور تعقيداً وتأزيماً ويدخلنا في المجهول. لنتذكّر أن ما بُني على باطل فهو باطل، وأن الشعوب العربية قاطبة، والتي بيدها القول الفصل في نهاية المطاف، ترفض الخنوع والتنازل وتُفشل أية «حلول«غير عادلة.
ومن المهم أن ندرك أن الغلبة في نهاية المطاف ستكون لمن يقف مع الحق ولمن يتمسك بالثوابت ولمن يسانده التاريخ، لا لمن يهرول وراء «صفقات» وتأويلات تخدم أصحاب المصالح الضيقة وتخدم الذين يريدون بنا شراً.
والشواهد على ذلك جليّة وواضحة، وليس أدل عليها من ضعف زعيمي إسرائيل وأميركا نفسهما، فالأول على وشك السقوط بسبب قضايا الفساد الغارق بها، والثاني يترنح وعرضة للعزل بسبب أخطائه التي لا تعد ولا تحصى وضلوعه في قضايا تآمر مع دول أجنبية.
من هو الأقوى إذاً ومن هو الأضعف؟
نحن الأقوى وهم إلى زوال. وما علينا سوى الصبر ووحدة الصف؛ ففي وحدة الصف قوة، والفرج مفتاحه الصبر.
موقفهم مؤسس على المزاعم والأساطير، ونحن على حق. والحق يعلو ولا يُعلى عليه.