د. فيصل غرايبة
لفتت وزارة الطاقة والثروة المعدنية أنظار المواطنين عندما اعلنت عن انشائها مكتبا يعنى باسعاد المواطنين المتعاملين مع هذه الوزارة، واستقبلوا الفكرة بالقبول الحسن، وتمنوا على الوزارات الأخرى والمؤسسات العامة ان تبادر الى استحداث مثل هذا المكتب لتعم الفائدة وتنتشر الخدمة الحكومية والعامة، التي تعمل على اسعاد المتعاملين معها، وعلى اعتبار ان تلك الجهات التي اسست اصلا لتحقيق مصالح المواطنين وتذليل الصعوبات ومواجهة التحديات، كل جهة في مجال اختصاصها، وكل قطاع في حيز اهتماماته، ما دام الجميع يقول نحن في خدمة المواطن، واننا نلبي نداء الوطن، ونعمل معا يدا بيد، للوصول الى المستقبل «الباسم» والغد «السعيد» لهذا البلد الأمين.والجميل ايضا في هذا السياق ان تأتي هذه اللفتة من وزارة لا تعنى بالتنمية البشرية مباشرة وليس من مسؤولتها(مع اهمية هذه الوزارة وقطاعها) ان توجه الناس الى التفاؤل والاقبال والابتسام للحياة والمستقبل الأسعد، كما هو متوقع من وزارات التربية والتعليم والثقافة والاعلام والسياحة والأوقاف مثلا.
لقد استحدثت وزارة الطاقة (علما بإنه ليس من مهامها تنمية الطاقة الايجابية لدى المواطن) مكتبا يعمل على تحقيق الرضى للمراجعين، وفق معايير متقدمة تراعي مستويات الجودة والفعالية في الأنظمة والتشريعات والتي تضمن لمتلقيها خدمات أفضل، وهي بذلك وكما نأمل ونتوقع، تعمل على تحويل مؤسسات الدولة الى جهات صانعة للسعادة، بما ينطوي ذلك ونتيجة لتوفير الخدمة الجلى للمواطن لكي يطمئن ويسر ويشعر بالسعادة.
ان حالة ضيق ذات اليد وضعف الامكانات المادية الفردية والمؤسسية، غيبت وبالتدريج عن حياة الكثيرين من الأردنيين الابتسام على الشفاه والسرور على الوجوه والاطمئنان بالقلوب، وبالتالي استبعدت تداول مفهوم السعادة وباعدت بينه وبين الممارسة اليومية في حياة الكثيرين، في مواجهة متطلبات الحياة والتفاعل الايجابي بين الناس، تلك التي يضاف اليها الضرائب المتعددة التسميات والجهات والغرامات، وكذلك الأجراءات الحكومية الروتينية الرسمية المعقدة والمطولة والمتعبة، في بعض الدوائر والمؤسسات.
والغريب في الأمر عندما اعلنت وزارة واحدة عن هذا التوجه في أن نيتها لتوفير بيئة ايجابية تلبي تطلعات واحتياجات المتعاملين وتؤكد على مفهوم السعادة، أن مصدرا حكوميا نفى وجود توجه لتحويل (مكاتب خدمات الجمهور) الى (مكاتب لاسعاد المتعاملين) في الوزارات والمؤسسات الحكومية عموما، علما بأن الاعلان اللفظي او التصريح بالاتجاه المعاكس له، لا يعني على مستوى التطبيق اسعاد المتعاملين، الا بعد الوصول لدرجة عالية من رضا المتعاملين، مع اية وزارة او مؤسسة رسمية.
الا اننا يجب ان لا ننكر ان انشاء هذا المكتب نوع من الأرتقاء الأيجابي نحو الأفضل بخدمة الجمهور. وعلى اعتبار أن تحقيق السعادة هدف عام للدولة، وكما ورد في قول الفيلسوف العربي «الفارابي»، على «أن خير الإنسان وسعادته هما غاية الدولة»، والدولة هنا في هذا المقام هي بلدنا الحبيب المملكة الأردنية الهاشمية.