د. فيصل غرايبة
يتطلب الحوار بين الآباء والأبناء والمعلمين والطلبة الإصغاء إلى الشباب، كما يتطلب من الشباب التخلى عن اعتقاده بصحة افتراضاته وسلامة أطروحاته، وهنا يتم الاتفاق على مصالح مشتركة وأهداف واحدة أساسها الانتماء لمجتمع واحد، وعندها ترسو القناعة بأن الشباب بحاجة للحرية والدعم ودفعهم للمشاركة بوضع السياسات والإستراتيجيات والمشروعات، وقد تضمنت تصوراتهم لمعالم مجتمع المستقبل ودور الجيل الجديد في تأسيسه في إطار مسؤوليتهم الاجتماعية. نسمع عن تذمر الشباب من اتجاهات الكبار نحوهم، وعن محاولة السيطرة عليهم من خلال السلطة التقليدية للكبار، الأمر الذي يفقد الشباب الشعور بالواجب نحو المجتمع، لتنقلب الحقيقة جراء ذلك فيُدان الشاب، ويُعتبر متقاعساً عن واجباته.
لقد استفاد الأردن من التجربة العالمية في بناء تجربة وطنية في التعامل مع المواطنين عامة ومع الشباب خاصة، فيما يتعلق بالمسؤولية الاجتماعية، واكتفت الهيئات المعنية الرسمية والأهلية بموجبه، بالتدخل عن طريق التحاور مع أطياف مختلفة من الشباب بالإضافة إلى مفكرين وخبراء، توصل هذا التحاور المتشعب والمطول إلى استراتيجيات وطنية للتعامل مع الشباب ومن اجل الشباب، ويستمع إلى هؤلاء الشباب المشاركين في اللقاءات التي تفتح الباب للنقاش، لتتم بلورة سلسلة خطوات وإجراءات متتابعة منطقيا وصالحة للتطبيق واقعيا وتعبر عن حالة التغيير المنشود. ويرافق ذلك العمل على تنشيط المبادرات النابعة من الشباب ومن الأندية والروابط والتنظيمات المتصلة أو المعنية بقضايا الشباب، في سبيل تنمية القدرة على الحوار والمشاركة والتعامل بأسلوب ديمقراطي والتخطيط للمستقبل، وكذلك إدراك الحقوق والواجبات وأهمية التشريعات واحترام التعددية والتسامح والمساواة والعدالة، بدون تحيز أو فوارق بين المشاركين بداية وبين الشباب نهاية.
لذا فان الملك عبد الله الثاني يلح على الجميع على أن يعملوا من أجل تغيير حقيقي يطال المجتمع الأردني ببنائه الاجتماعي وصرحه الثقافي ومعطياته السياسية.ولذا لم يضمن أوراقه النقاشية وعودا لا تراعي الزمن والإمكانات، بل اتجهت أساسا إلى كيفية الوصول إلى الإصلاح الشامل بمعناه ومبناه. ويحدد أهم متطلبات التحول الديمقراطي، وهي تعزيز المجتمع المدني، ودوره في مراقبة الاداء السياسي وتطويره لتؤكد ترسيخ الثقافة الديمقراطية في المجتمع الأردني، فتصف كيف يتحلى الاردني المنخرط في الحياة السياسية بالمواطنة الفاعلة، مما يسمح للنقاش بأن يأخذ طريقه الصحي والصحيح للقضايا التي تعني مجتمعنا، في اطار من الاحترام المتبادل حتى في ظل اختلافاتنا التي لن نصل الى حلول عملية لها، إلاّ عبر الحوار الهادف والبناء، بعد أن يدرك الاردنيون كافة ان العملية السياسية لا تنحصر في القضايا التي تتم مناقشتها تحت قبة البرلمان، بل جميع ما يمس مجتمعاتنا المحلية وحياتنا اليومية كمواطنين.وهكذا يضع جلالة الملك الامور في سياقها الطبيعي ضمن اطارالحياة السياسية ويصف المشاركة السياسية في أنها مسؤولية وواجب، ترتب على كل اردني مسؤوليات تتعلق بكيفية الانخراط في العمل السياسي.
[email protected]