د. فيصل غرايبة
وقع الاختيار على ثلاثة الوية ادارية على امتداد المملكة الأردنية الهاشمية لتكون «الوية الثقافة الأردنية» منذ بداية هذا العام 2019، ولكي تقدم نموذجا خاصا بها ضمن إطار الثقافة الأردنية، لا بل والثقافة العربية عامة، وهي تصبغ على سكانها هذه الثقافة بشكل متوافق. أما هذه الألوية الثلاثة فهي: (بصيرا) بمحافظة الطفيلة وتمثل إقليم الجنوب، و(ذيبان) بمحافظة مادبا وتمثل اقليم الوسط، و(كفرنجة) بمحافظة عجلون وتمثل إقليم الشمال.
وها هي المناطق الثلاث تمتلىء بالطاقة البشرية الخلاقة التي تشربت الثقافة الوطنية الأردنية، واجمعت على روح المواطنة والانتماء الوطني، وقد درست في مدارس بصيرا وذيبان وكفرنجة وخرجت منها لاستكمال ثقافتها اما في مراكز محافظاتها او الى ابعد من ذلك، ونشطت في مراكز شبابها وشاباتها، وانتسبت إلى أنديتها وجمعياتها الاجتماعية والثقافية والفنية والرياضية. ومن هذه البيئة، التي كونتهم وكونوها، تخرج الآلاف من مختلف الجامعات والتخصصات، وأصبحوا كتابا معروفين وادباء بارزين، ورجال أعمال وناشطين سياسيين ونقابيين وحزبيين،ورجال قانون وشريعة ومحامين وأطباء ووزراء وأعيانا ورجال دولة ودبلوماسيين، كما عبروا جميعا عن ثقافتهم الواحدة، عبر الانتخابات النيابية والبلدية، وخدموا اللواء والمحافظة والبلاد بكل اخلاص ووفاء واقتدار.
وإذا كان المقصود من تسمية إحدى مدن المملكة مدينة للثقافة الأردنية، تكثيف الجهود في السنة المخصصة، لتحديد معالم الخصوصية الثقافية للمدينة المسماة وتوضيح هويتها، وتفحص ذخيرتها من الأفكار والقناعات والممارسات والعادات والأعراف والتقاليد التي تميزها، وتعمل على تطويرها لتواكب العصر، وتنقيتها من الأوهام وصيانتها من التشويه، فان في عام «بصيرا» و"ذيبان» و"كفرنجة» كألوية للثقافة، يقتضي الأمر أن تبحث في ثقافتها، وهي الحاضرة في التاريخ العربي والاردني،حتى وصلت إلى هذه الصيرورة الحضارية التي تتمتع بها الآن، وكذلك النظر بعناية لما يتعرض له الشباب والجيل الجديد عموما من مؤثرات الثقافة العالمية عبر وسائل الاتصال الحديثة،والذي لا ننكر تأثيره الايجابي في اغناء المعرفة الذاتية للشاب،لكن هناك ما يمكن أن نسعى لدرئه مما يؤثر على ثقافتهم بخصوصيتها وهويتها، حتى في المأكل والملبس والشعور بالانتماء والمسؤولية الاجتماعية، مما نهدف إلى تعزيزه وتنميته لدى الشباب.
ولا بد في ظل هذا العام من أن يكرم الأفذاذ والموهوبون والمبدعون ممن انجبتهم المنطقة وجوارها ومحيطها او استقروا فيها او تركوا بصمات على الأجيال وفي الانتاج فيها وهم كثر، بما لا يمكنني ان اذكرهم ممن توفاهم الله قبل سنوات عدة،ويحتفظ اللواء او المحافظة بذاكرتهما الممتدة ادوارهم في بنائهما وتطورهما وحراكهما الاجتماعي الثقافي. ويمكننا ان ننتظر في هذا العام كل بديع ومبهر من مبدعيها وكتابها وباحثيها الناشطين من امثال: جلال برجس (روائي وشاعر) ويوسف غيشان (كاتب وناقد وممثل) وعلي شنينات (شاعر) من أبناء مادبا، وهشام القواسمة(شاعر) وسليمان القوابعة (روائي) وفوزي الخطبا (باحث) وزيد المحيسن (كاتب وباحث) من ابناء الطفيلة، وسلطان الزغول (ناقد ادبي) ورفعات الزغول (قاص) وسمير القضاه (شاعر) وعمار الجنيدي (قاص وشاعر) من ابناء عجلون، فضلا عن العديد من الأكاديميين الذي برزوا بالتدريس والبحث والترجمة والتأليف ممن خرجوا الألوف من طلبة الجامعات الأردنية والعربية بمختلف الدرجات العلمية الجامعية.
وغاية ما يرجوه المواطن الأردني أن يشع الانتاج الثقافي من تلك المناطق والمراكز المنتخبة بجدارة لتكون الوية الثقافة لهذا العام، وان يتغازر العطاء من ابنائها النجب في العام نفسه. والله الموفق والى الأمام.
[email protected]