خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

ماذا عن حاجات الخريج؟

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. أحمد يعقوب المجدوبة كُثرٌ هم من يتحدثون عن حاجات سوق العمل وعن متطلبّات الجهات المُوظِّفة فيه، لكن من يتحدثون عن حاجات الخريج ومتطلباته هم قلّة قليلة.

منذ أكثر من عقدين ونحن نسمع الكثير عن ضرورة المواءمة بين مخرجات التعليم الجامعي وحاجات سوق العمل.

والحديث هنا مُؤدّاه أن الجامعات وكليات المجتمع لا بد لها عند وضع الخطط الدراسية لبرامجها أو عند تعديلها من التأكد من أن المهارات التي يكتسبها الطلبة في أثناء دراستهم هي تلك التي يحتاجونها في سوق العمل بعد تخرجهم.

ولكثرة ما تم ترديد هذا المطلب وتكراره على مسامعنا، من قبل الجهات المُوظفة نفسها والمسؤولين في القطاعين العام والخاص والباحثين والكتاب والصحفيين، آمنّا جميعاً بهذه المقولة وباتت المؤسسات التعليمية تأخذها على محمل الجد، وصارت تبذل قصارى جهدها لتعديل برامجها وتطويرها بهدف تمكين طلبتها من امتلاك المهارات التي تساعدهم على إيجاد وظيفة بعد التخرج وعلى النجاح والإبداع فيها.

بمعنى آخر تقبّلت مؤسسات التعليم العالي هذا المطلب دون نقاش، ومعظمها يحاول، بكل ما أوتي من فهم للأمر وخبرة وقدرة على الاستجابة، لعمل المطلوب في هذا السياق.

ومعظمها قام بتعديل خططه الاستراتيجية، ومناهجه، ونتاجات التعلم المرتبطة ببرامجه، وأساليب تدريسه من أجل تحقيق المواءمة بين مخرجاته وحاجات السوق.

لا نقول أنها كلّها نجحت في تحقيق المرجو، لكنها كلّها تحاول قدر المستطاع، بفعل الضغوط الكثيرة التي تمارس نتيجة للترويج لفكرة «تلبية حاجات السوق».

بالمقابل، لا نسمع كثيراً عن ضرورة تلبية السوق لحاجات الخريجين؟

الحديث هنا يطول ويتشعب ويتداخل، بيد أنني أود إثارة النقاط الثلاث الآتية لتوضيح مفهوم مسؤولية السوق تجاه الخريجين.

أولاً، مهما حاولت مؤسسات التعليم العالي فهي لن تستطيع تلبية كل حاجات السوق من ناحية، وتوفير كامل المتطلبات المتعددة لكل مؤسسة من مؤسساته على حدة من ناحية أخرى. فالسوق ليس كياناً واحداً متجانساً وليست كل متطلباته معروفة ومحددة بدقة أو حتى متشابهة.

ومن هنا فلا بد من أن يقوم السوق – من باب مسؤوليته المجتمعية ومن باب حرصه على مصلحته هو ومصلحة البلد أو البلدان التي ينتمي إليها والتي يعدّ الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي فيها أحد أهم أركان سلامته ونجاحه – بدور «تكميلي» للتعليم الذي تقوم به مؤسسات التعليم العالي عن طريق تحمل مدة وكلفة التدريب والتأهيل للخريجين الذين تنقصهم بعض مهاراته.

ليس صحيحاً، ولا صحيّاً، أن تتحمل مؤسسات التعليم العالي وحدها الجهد والكلفة.

ثانياً، مشكلة العديد من الخريجين تكمن في نقطة البدء: الإمساك بطرف الخيط الذي يُمكّنهم من البدء في العمل واكتساب الخبرة التي تتيح لهم المنافسة في السوق ثم النّمو فيه والتّرقي.

المعضلة الأزلية لمعظم الخريجين تكمن في أنهم لا يمتلكون «الخبرة» التي تؤهلهم للتقدم لمعظم الوظائف المعلن عنها.

فإذا كان من أهم شروط التقدم للعديد من الوظائف وجود خبرة عند المتقدم، وإذا كان معظم الخريجين لا يمتلكون الخبرة، فكيف يتمكّن هؤلاء من العثور على فرص عمل؟

والسؤال هنا هو: مسؤولية من إكساب الخريج الجديد الخبرة اللازمة لتقدّمه لوظيفة شاغرة؟

ثالثاً، في الوقت الذي يشكو فيه العديد من مسؤولي القطاع الخاص من أن الخريجين لا يمتلكون المهارات التي تؤهلهم للالتحاق بالوظائف المتوافرة في السوق، يشكو العديد من الخريجين الذي يمتلكون أرفع المهارات وأشملها وأكثرها تلبية لحاجات السوق من أمرين: أ) قلّة فرص العمل في السوق، وب) قلة رواتبها.

والحديث هنا ليس فقط عن أفضل شرائح الخريجين من جامعاتنا الوطنية، والذين يمتلكون أفضل المهارات وأرقاها، بل عن أبنائنا وبناتنا الذين يتخرجون من أحسن الجامعات العالمية ويتحملون هم وذووهم كلف التعليم الباهظة. يبدعون ويتميزون، ثم يتخرجون ويعودون فيصطدمون بسوق شحيح الفرص شحيح الرواتب.

مسؤولية من هي توفير فرص العمل للمتفوقين المبدعين، ومسؤولية من هي إعطاؤهم الرواتب التي يستحقونها؟

وبعد،

فالحديث عن تلبية حاجات السوق أمر مشروع ومهم؛ لكن الحديث عن حاجات الخريجين أمر لا يقل عنه مشروعية و أهمية.

والصورة لا تكتمل، والعدالة لا تتحقق إلا بالحديث عن الأمرين معاً.

الأصل أن نتحدث عن حاجات الفئتين معاً.
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF