عماد عبدالرحمن
حَفِلتْ نتائج دراسة مشروع مسح القادمين والمغادرين لعام 2017، بأرقام وحقائق تعاكس الاحكام السائدة بالمجتمع تجاه السياحة ، وهي في معظمها تأخذ الانطباعات السلبية ،للأسف، حيث توصلت الدراسة الى نتائج تستحق التوقف عندها وقراءتها بتمعن ، كونها تستند لدراسات منهجية وعلمية ميدانية، ولم تصغ في تعليق عبر وسائل التواصل، او يصدرها مركز دراسات خاص أو منظمة ممولة.
اولى هذه الارقام ، ما يتعلق بسياحة المبيت التي شكلت ما نسبته 83،1 بالمئة، من الزوار الدوليين ، فيما زوار اليوم الواحد شكلوا 16،9 بالمئة، اي ان هذه الحقيقة تعاكس ما يقال ان غالبية السياحة لدينا زوار اليوم الواحد، ويجلبون مياههم وطعامهم معهم. ثاني هذه الحقائق، أن 64 بالمئة من سياح المبيت يزورون الاردن للمرة الثالثة أو اكثر، اما سياح الاستجمام الذين يزورون الاردن للمرة الثالثة فأكثر، نسبتهم 25 بالمئة، وهذه نسبة لافتة ايضا، تعاكس الانطباع الدارج بأن الذي يأتي للأردن بغرض السياحة يكتفي بمرة واحدة ولا يعود مجدداً.
الرقم الثالث اللافت ايضا، بحسب الدراسة، ان 12 بالمئة من العينة التي شملتها الدراسة جاءت الى الاردن على شكل مجموعات سياحية، و88 بالمئة جاءوا بشكل مستقل، هذه الارقام تعكس مدى نجاحنا المتواضع في جذب المجموعات السياحية للمملكة، بمعنى ان 88 بالمئة من السياح جاءوا اما بناء على علاقات شخصية (اقارب وأصدقاء)، او عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، او بناء على نصائح مجربين. مدة الاقامة ايضا ، كانت مفاجأة الدراسة إذ تراوحت بين 5- 15 يوماً، وتصدرت فرنسا والمانيا الدول بعدد ليالي المبيت، تلتها روسيا وكندا ثم جاءت بعد ذلك الدول العربية وفي مقدمتها الكويت والسعودية ، وهذا ايضا يعاكس الانطباع السائد ان السياحة العربية هي الاعلى بمعدل ليالي الاقامة، بمعنى ان السياحة الاوروبية والدولية لا تقل اهمية بالنسبة لتشغيل البنى التحتية عن السياحة العربية العائلية التي تختار الاردن وجهة لها ،ولاسباب اجتماعية وأمنية كثيرة. بالنسبة لمتوسط الإنفاق اليومي للسياح بلغ 54 دينارا ، فالسائح الالماني ينفق بمعدل 103 دنانير يوميا، والكندي بمعدل 99 دينارا يوميا، والبريطاني بمعدل 98 دينارا يومياً، والسعودي بمعدل 92 دينارا يومياً، وهذا مؤشر على الاسواق التي ينبغي التركيز عليها في رحلاتنا الترويجية لهيئة تنشيط السياحة وسفاراتنا في دول العالم.
الدراسة التي شملت عينة عددها 194 الف سائح ، توصلت الى أن 2ر86 بالمئة من العينة أكدوا أنهم سيوصون بشدة لزيارة الأردن، وهذا مؤشر يبعث على التفاؤل بمستقبل القطاع السياحي الواعد في المملكة، الذي يُشغّل حوالي 88 الف مشتغل، ينجح بتحقيق هذه الارقام، رغم التحديات والحروب المحيطة، فكيف اذا كان الوضع بالمنطقة مستقراً وتحقق السلام العادل والشامل. هذه الدراسة، تغيّر الكثير من الانطباعات التي يروج لها البعض دون دراية او علم، وهي تصلح لتكون دليلا للواقع السياحي والخريطة السياحية لزوار المملكة خلال السنوات القليلة المقبلة، وتسترشد بها مكاتب السياحة ووكلاء السفر عند إستهداف اسواق معينة، من هنا أدعو جميع من يعمل في هذا القطاع او المهتمين فيه، الاطلاع على هذه الدراسة وقراءة الارقام الصادرة عنها بتمعن، كونها تطمئننا الى اننا نسير بالاتجاه الصحيح، ولا خوف على قطاع السياحة الصامد.
[email protected]