د. فيصل غرايبة
أغرى التمويل الأجنبي للمنظمات غيرالحكومية في الأردن، والذي يقدر بنحو 100 مليون دولار سنويا (70 مليون دينار)، الكثيرين بفتح شركات عادية تهدف للربح، ومسجلة في سجل الشركات بوزارة الصناعة والتجارة باسم مراكز تحمل اسماء لها وقعها في المحيط الوطني مثل: عمّان والقدس والعدالة والحرية والصراط، تدل على قيامها بدراسات وتدريبات ومؤتمرات تتناول حقوق الإنسان أو المرأة أو الطفل، اوحماية الصحافيين أو النساء المعنفات أو من لاعائل لهم، وغيرها من التسميات الجاذبة للتمويل الأجنبي والرنانة في اسماع المواطنين.
بينما يشعر المراقبون ان هذه المؤسسات تستقوي على العمل الاجتماعي المحلي مستعينة بالأجنبي، وهي تنخرفي مجتمعنا، وتقول كلاما ظاهره حق وباطنه باطل، وهي تهدف لهتك منظومة القيم الأخلاقية لمجتمعنا من خلال رفع شعارات مرغوبة إجتماعيا مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان والإصلاح والتمدين والتجديد، لكن هدفها الأبعد نخر بناء المجتمع وتحويله لمجتمع استهلاكي يلهث وراء سراب، وعلى الرغم من انها تدعي انها مؤسسات مجتمع مدني، وانها مراكز للدراسات التنموية والاستراتيجية وحقوق الإنسان ومراكز لنصرة المرأة والطفل وصيانة الحريات الاعلامية، الا انها مسجلة لدى الجهة التي تتولى مراقبة الشركات.حتى أن منها مارفضت وزارة الداخلية تسجيله، وسجلت على اساس انها شركات غير ربحية، لكنها على ارض الواقع تتعارض مع الغايات والاهداف التي تقوم بها. وهي تتلقى تمويلا اجنبيا، وتستضيف اجانب مقيمين او زائرين، يكتبون ضد الاردن وتوجهاته وفلسفة الحكم فيه، ويشوهون صورة الموقف المجتمعي الأردني من عدة قضايا مثل حقوق الانسان وحرية الرأي ومكانة المرأة والانتخابات، وما يتمثل ذلك في التقارير الدولية، التي تصدر عن جهات خارجية، تزعم اهتمامها بحقوق الانسان والحريات الصحافية وشؤون المرأة والطفل والأقليات واللاجئين والنازحين.
آن الأوان لتأطير عمل هذه الشركات قانونيا، والكشف عن حقيقة المبالغ التي تدفع لها من جهات خارجية، والغايات التي تدفع من اجلها.لاسيما وان هذه المراكز والمنظمات على اختلاف انواعها، لا توضح حقيقة الدعم المالي الذي تتلقاه، كما انها لا تنشر موازناتها، ولا تفصح عن الجهات الداعمة لها، والمبالغ التي تحصل عليها من هذه الجهات.علما بأن بعض الجهات المانحة تشترط أن تكون المنظمة المتلقية للتمويل غير حكومية أي أهلية خيرية،ومع قيام البنوك بحذف إسم شركة من الحساب تظــــهر أن المركز/ المؤسسة هي للدراسات التنموية او الاستراتيجية أو حقوق الإنسان. الا أن بعض الجهات المانحة تعرف ذلك بل وتفضله، لأنه يسهل الطلب من هذه الشركات بالقيام بدراسات حسب الطلب، تهدف لتحقيق أهداف خاصة لجهات التمويل.
لقد بادر حزب الاصلاح في العام 2014 حين وجه امينه العام(د.كليب الفواز) رسالة الى دولة رئيس الوزراء آنذاك(د.عبدالله النسور) يعلمه فيها بان حزب الاصلاح اتخذ قرارا بعدم المشاركة بنشاطات المنظمات المدنية الاجنبية غير الحكومية التي تعمل داخل المملكة وذلك بعد حوار واسع حول دور الهيئات ومنظمات المجتمع المدني الاجنبية والمحلية،وتبين من جملة امور تنشط فيها هذه المنظمات الاجنبية في اردننا العزيز، استحداث قوانين تمس نظامنا الاجتماعي العروبي، وغدت انشطتهم ذات الصلة بمصالحهم، موضع الشكوك، وتبلورت على ارض الواقع في اقطار عربية شقيقة، في مدى اشتباك المصالح مع بقاء الفتنة والانقسام وجر البلاد الى الدمار والخراب بدل الاصلاح الذي يروجون له،حيث وقع شبابنا في شباك الافكار المُضللة، ودعا حزب الاصلاح في حينه الحكومة الى القيام بمراجعة شاملة وتقييم وطني جامع لتلك النشاطات، تلافيا لاية اخطار على تفكير جيلنا الصاعد وسلوكه ومستقبله.
[email protected]