أ. د. غسان الطالب
في هذه الليلة المباركة انزل فيها القرآن الكريم, ((إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)) ومقدر لها في العشرة الأواخر من الشهر الفضيل وفي احدى الليالي الأوتار منه ومن المرجح بأنها ليلة السابع والعشرين منه يعمل المسلمون على احيائها بقيام الليل والصلاة وقراءة القرآن والابتهال الى الله بكثرة الدعاء, والقدر في اللغة اسم مصدر من قدر الشيء يقدره تقديراً، وقيل إنه مصدر من قدر يقدر قدراً, اما في المعنى الفقهي فهو ما يقدره الله من القضاء ويحكم به من الأمور, وقد سميت بليلة القدر حسب رأي العلماء من القدر وهو الشرف وبمعنى التعظيم أي أنها ليلة ذات قدر عظيم, وان للعبادة فيها فضل كبير عند الله في قوله تعالى: ((لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ)) وفيها لمن احياها غفران الذنوب، وزيادة الأجر، كما وجعل العمل الصالح فيها يكون ذا قدر عند الله خيرًا من العمل في ألف شهر, حيث قال صلى الله عليه وسلم في هذا الخصوص: «مَن قام ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تقدَّمَ من ذنبِه، ومَن صام رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّمَ من ذنبِه», (متفق عليه), ومن فضائلها نزول الخير والرحمة والمغفرة فيها إلى الأرض، حيث قال تعالى: ((تَنَزَّلُ الْمَلآَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمْرٍ)), ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا كانت ليلة القدر نزل جبريل في كَبْكَبَة (أي جماعة) من الملائكة يصلون ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله فينزلون من لَدن غروب الشمس إلى طلوع الفجر», كما انها اي ليلة القدر ليلة سلام وخير على عباد الله المؤمنين الطائعين في قوله تعالى ((سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)), ولا يمكن للشيطان أن يعمل فيها سوءًا أو أذى فهو مصفد ومكبل, وتزدحم الأرض بالملائكة، ويعم السلام حتى مطلع الفجر. عن عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها قالت: «قلت يا رسول الله إن علمت ليلة ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنّك عفوّ تحب العفوَ فاعفُ عنّي» وكان أكثر دعاء النبي في رمضان وغيره: «ربّنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار».
ففي هذه الليلة العظيمة علينا أن نكثر من الصلاة من غير الفريضة دون خاصة في العشر الأواخر من هذا الشهر الفضيل وقراءة القرآن الكريم والتسبيح، والاستغفار، والتكبير وان نكثر من الدعاء والتوسل الى الله بطلب الغفران.