حفل اليوم الأول من زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني لهولندا بكثير من النشاطات واللقاءات والمباحثات التي أشرت إلى أهمية الزيارة الملكية والآمال المعقودة عليها إن لجهة الارتقاء بالعلاقات الأردنية الهولندية على مختلف الأصعدة وفي كل المجالات أم في حشد الجهود الدولية لدفع عملية السلام في المنطقة إلى الأمام ومحاربة الإرهاب وتوفير الدعم للأردن لمواجهة أعباء اللجوء السوري على الموازنة العامة والمرافق الخدمية الأردنية المستنزفة طوال السنوات السبع الماضية.
من هنا جاءت مشاركة جلالته يوم أمس مع مجموعة من المسؤولين الهولنديين وممثلي المنظمات غير الحكومية المعنية بمكافحة التطرف والارهاب، في جلسة نقاشية حول الأمن الإقليمي لتضيء على طبيعة وحجم الجهود التي يبذلها جلالته في هذا الاتجاه حيث أكد جلالته ان التعاون والتنسيق بين الدول هو السبيل الوحيد لكسب الحرب على الجماعات الارهابية حيث يواجه العالم تهديداً مشتركاً ثبت أنه قابل للتكيف والمرونة في الوقت ذاته الذي أكد فيه جلالته على ضرورة اتباع نهج شمولي في الحرب على الارهاب يشمل المجالات العسكرية والأمنية والفكرية، محذرا جلالته من ظاهرة الخوف من الاسلام وخطورة عزل المجتمعات المسلمة في الغرب حتى لا يستغلها الارهابيون كذريعة لتغذية أجنداتهم.
كذلك جاءت كلمة جلالته أمام مجموعة تضم نحو 300 من طلبة الجامعات الهولندية ومن دول أخرى من المشاركين في برنامج لاهاي الدولي، لتكشف أمام هذه المجموعة المتميزة ثوابت الرؤى الملكية والمواقف الاخلاقية والانسانية والقانونية الاردنية التي لا تساوم على الحقوق ولا تفرط فيها بل تتمسك بثقافة الحوار والشرعية الدولية والتزام القانون الدولي وتدعو للإخاء والسلام والتعددية ونبذ الخلافات والاستماع للآخر واحترامه، داعياً جلالته الشباب الذي يرى جلالته التواصل معهم من اكثر الجوانب الايجابية ضمن مسؤولياته الشخصية التي يشعر بمنتهى الرضا عن تلبيتها إلى احترام الأديان والمجتمعات والثقافات المختلفة التي يزخر بها عالمنا ورفض الدعوات التي تتم عبر وسائل الاعلام ضد هذا التنوع والاختلاف وعدم ترك هذه الاصوات التي تروج لخطاب الكراهية المثير للريبة كذلك عدم السماح لهؤلاء وبخاصة مجموعات المتطرفين الذين يستخدمون الدين ويشوهونه بهدف السيطرة على الناس وزرع الفتنة بين المجتمعات بزرع الفرقة في المجتمع الإنساني، كون عالمنا مترابطاً بدرجة كبيرة والتعاون الدولي أمر مهم للغاية لمواجهة التحديات امامنا وهي تحديات مشتركة، متسائلاً جلالته: كيف بإمكان أي بلد او مجموعة حماية عالمنا الذي تتلاشى فيه الحدود؟
جلالة الملك في كلمة أمام هذا الحشد المتميز من طلبة الجامعات المشاركين في برنامج لاهاي الدولي دافع عن قيم الإسلام السمحة المتمثلة في أن على الإنسان ان يعامل الآخرين كما يجب ان يعامل كقيمة عليا تعلمها كل شخص موجود في هذه القاعة، لأن الديانات السماوية الثلاث، الإسلام والمسيحية واليهودية وغيرها من المعتقدات الدينية في العالم يشتركون في قاعدتين اساسيتين.. الدعوة لمحبة الله ومحبة الجار.
وكعادة جلالته في كل لقاء او محفل او نقاش او حوار او مباحثات تتقدم القضية الفلسطينية على جدول أعمال جلالته حيث اعاد جلالته التذكير والتأكيد بأن الفشل في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تسبب في انعدام الثقة حول العالم وزاد من حدة عدم الاستقرار والجنوح نحو التطرف، حاسماً في شكل لا يقبل التأويل بأن السلام لن يتحقق اذا استمرت الإجراءات الاحادية او اذا استمرت التهديدات ضد القدس الشريف والتي يجب ان تظل مدينة تجمعنا ورمزاً للسلام مشيراً جلالته في الوقت نفسه بأننا سنستمر في واجبنا الذي تمليه علينا الوصاية الهاشمية في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس والحفاظ على الهوية التاريخية للمدينة المقدسة، داعياً جلالته المجتمع الدولي بأكمله كي يقوم بواجبه في تعزيز الاحترام المتبادل وتحقيق العدالة للجميع.