خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

العدالة التعليمية في الأردن: بين الواقع والطموح في ضوء تقرير التنمية البشرية وعدم المساواة 2023/ 2024

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. ميسون تليلان

في مسار الدول الطامحة إلى بناء نهضة مستدامةيظل التعليم حجر الأساس الذي تُبنى عليه معادلات التنمية والعدالة الاجتماعية. وليس التعليم كمجرد سنوات دراسية أو نسب التحاق، بل التعليم الذي يُنتج مهارات، ويؤسس لمواطن فاعل، ويواكب متطلبات سوق العمل المتغير. وفي هذا السياق، تأتي قراءة موقع الأردن في تقرير التنمية البشرية وعدم المساواة 2023/ 2024 لتسلط الضوء على مكامن القوة، وتكشف التحديات التي ما زالت بحاجة إلى معالجة جادة وشاملة.

تشير البيانات الرسمية إلى أن متوسط سنوات التعليم الفعلية في الأردن يبلغ 10.4 سنة، بينما تصل سنوات التعليم المتوقعة إلى 10.6 سنة. ورغم أن هذه الأرقام تعكس قدرة الأردن على ضمان فرص الالتحاق بالتعليم، إلا أن الفجوة بين الكم والنوع لا تزال قائمة. فالتحصيل الزمني، رغم ارتفاعه، لا ينعكس بشكل كافٍ على جودة المخرجات، مما يؤثر مباشرة على كفاءة رأس المال البشري الوطني.

كما تسجل نسبة الالتحاق بالتعليم الثانوي مستوى جيدًا بواقع 87.6%، وهي نسبة تُحسب للأردن ضمن معايير إتاحة التعليم. غير أن التحدي الأكبر لا يكمن في نسب الالتحاق وحدها، بل في مدى مواءمة مخرجات التعليم مع حاجات سوق العمل. وهو ما يتجلى بوضوح في المعدلات المرتفعة للبطالة بين حملة الشهادات الجامعية، والتي تصل إلى نحو 25%. هذه النسبة المرتفعة، خاصة بين الشباب، تعكس خللاً جوهريًا في العلاقة بين النظام التعليمي وبين فرص التشغيل المتاحة.

لقد أصبح واضحًا أن سوق العمل الأردني اليوم لا يواكب مخرجات النظام التعليمي بالوتيرة اللازمة. فالكثير من الخريجين يدخلون سوق العمل وهم يفتقرون إلى المهارات العملية التي تتطلبها القطاعات الاقتصادية الحديثة، مما يؤدي إلى اتساع الفجوة بين العرض والطلب، وإلى تفاقم معدلات البطالة، رغم الاستثمار المستمر في التعليم.

من هنا، تبدو الحاجة ملحة لإعادة النظر في فلسفة التعليم، ليس فقط عبر تطوير المناهج أو تحديث أساليب التدريس، بل عبر إعادة هيكلة العلاقة بين المؤسسات الأكاديمية وقطاعات الإنتاج. المطلوب هو تعليم يقود إلى التشغيل، ومؤسسات تعليمية مرتبطة ارتباطًا عضويًا بسوق العمل، قادرة على تزويد الطلبة بالمهارات الفنية، والرقمية، والإبداعية، التي تشكل محرك التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

إن رؤية جلالة الملك السامية، التي لطالما أكدت أن الإنسان الأردني هو محور التنمية وأداتها، تدفعنا اليوم للتأكيد أن إصلاح التعليم لم يعد خيارًا مؤجلًا، بل ضرورة ملحة لضمان استدامة الدولة وتقدمها. فالعدالة التعليمية ليست مجرد مبدأ أخلاقي، بل استراتيجية تنموية تتطلب مواءمة شجاعة بين مخرجات التعليم وحاجات السوق، لضمان تحويل سنوات الدراسة إلى طاقة إنتاجية حقيقية، قادرة على إحداث التغيير الإيجابي الذي ينشده الوطن.

وفي ضوء هذه الحقائق فإن مستقبل التعليم في الأردن يجب أن يُبنى على قاعدة جديدةقوامها الجودة، والمواءمة، والعدالة في الفرص. فالتعليم هو الطريق الأقصر إلى تقليص الفجوات الاجتماعيةومكافحةالبطالةوتحقيق النمو الشامل الذي يستحقه الأردنيون.

ملاحظة: يندرج هذا المقال ضمن سلسلة مقالات تحليلية حصرية لجريدة الرأي، تتناول موقع الأردن في تقرير التنمية البشرية 2023 /2024، وترافقها تقارير مؤسسية صادرة عن مؤسسة أدوات الاحتراف للتدريب وبناء القدرات.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF