خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

ثمنُ الابتسامة !

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. لانا مامكغ اقتربت السيّدةُ المهذّبة ممّن بدا لها موّظفَ استعلامات في الدّائرة الحكوميّة لتسألَ عن شأنٍ ما قبل المضيّ في معاملتها، فأجابها ببرود عبرَ غيمة كثيفةٍ من الدّخان: « ما بعرف، هو راح يفطر... « ولم تعلّق أمامَ لهجته الطّاردة، فجلست تنتظر، ومرَّ زمنٌ على ذلك حتى سئمت، فقامت لتّتجه إلى موظّفٍ آخر، اقتربت من الحاجز الزّجاجي بحذر، فوجدته منهمكاً في مكالمة هاتفيّة، بقيت واقفة واستمرّ في الحديث، تعبيراتُ وجهه ونبراُتُ صوته أوحت لها أنّه حديثٌ مع إحداهن... فابتعدت بعضَ الشّيء حرصاً على خصوصيّته... لكنَّ المكالمةَ طالت، فاقتربت مرّة أخرى، هنا، رفع عينيه باتّجاهها ليسأل بغضبٍ مكبوت: « شو في ؟ ثمَّ ليضيف وهو يؤشّرُ بيده: «روحي هناك... الدّفع هناك ! «

فتوجّهت بصمت إلى حيثُ أشارَ لها، لتجدَ المحاسبَ غارقاً في إغفاءة... وقفت متردّدة، إذ خشيت أن توقظَه فيهبّ في وجهها كما فعلَ الأوّل، صبرت قليلاً، ثمَّ تنحنحت حتى أفاق أخيراً، فدفعت النّقود َنحوه بحذرٍ شديد، ليتناولها بملامحَ مشحونةٍ بالحنق !

وهكذا، سعت في الإجراءات حتى وصلت إلى المرحلة الأخيرة من معاملتها عند أحدِ الموظّفين، لتجدَ الوضعَ مختلفاً هذه المرَّة، إذ فاجأها هذه بلباقته... لينجزَ المطلوبَ بوجهٍ سمح، ثمَّ ليسلّمها المعاملة أخيراً مع ابتسامة !

فخرجت من المكان حائرةً بين نمطيْن في التعامل، وانطباعيْن، ونموذجيْن من البشر !

على بعْدِ كيلومتراتٍ قليلة من تلك الدّائرة الحكومية، ثمّة « مول « يعمل داخله أحدُ الشّباب بائعاً بسيطاً لنوعٍ معيّن مشهور من المثلّجات ذات الماركة العالمية، في مطعمٍ يُدار من شركة محليّة كامتياز كما تجري الأمورعادة، أمّا غيرُ العادي، فكانت الرّسالةُ التي وصلته مؤخّراً بتوقيع المديرِالعام هنا، ومديرِ الموارد البشرية الأجنبي في الشّركة الأم... خطابٌ أنيقٌ مكتوبٌ بلغةٍ دافئةٍ مؤثّرة، وبتغليفٍ جميلٍ فحواه شكرٌ وتقديرٌ على جهودِه عبر السّنوات الخمسة الماضية، وإشارة إلى انضباطه ونشاطه ومثابرته، ومساهمته في نجاح الشّركة... الأمرُ أربكَ الشّاب وأسعدَه، ليبقى يسألُ بذهول عن الطّريقة التي قيّموا فيها أداءه وهو الذي لم يشعر يوماً أنَّ ثمّة عيناً تراقبه !

سألَ فقيلَ له إنَّ مثل تلك الشّركات تعتمدُ على ما يُسمّى « المتسوّق الخفيّ «... بمعنى أنَّ كان هناك من يراقبُ أداءَه طوال الوقت دونَ أن يشعر !

ما علاقة ُهذا بما حدث مع السّيّدة أعلاه؟ لعلَّ السّبيلَ الوحيد للحدِّ من ترهلّ الأداء، ومن مزاجية بعض الموظّفين أو فظاظتهم أحياناً، أو لضبطِ حالات الفساد أو الرّشوة... هو اعتمادِ المبدأ ذاته، وليكن هذه المرَّة « المُراجع الخفي « !

فلو فكّرنا في تكريسِ هذه الوسيلة، لكنّا نجحنا نسبيّاً في الحدِّ من تشوّهات السلوك الوظيفي، هذا في الحدِّ الأدنى، أمّا الحدّ الأعلى الأجمل، فقد نصل إلى أن نكافىء واحداً مثل الموظّف الذي غيّرَ انطباع السيّدة عن الدّائرة الحكوميّة بتعامله الرّاقي معها، التّعامل الذي أعادَ لها شيئاً من إنسانيّتها... رسالة تقديرٍ من ذلك النّوع يُفترض أن تشكّلَ تحوّلاً إيجابيّاً في مسيرته نحو أيّ ترقية...

ثمَّ وهذا الأهم، قد تغيّر ولو بعض الشّيء من أداء الآخرين العابسين لتحفيزهم على المزيد من اللباقةِ والالتزامِ والابتسام ؟

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF