د. فايز الربيع
هذا هو عنوان الملتقى الذى أقامته دائرة الافتاء العام بالتعاون مع وزارة التربية والاوقاف ودائرة قاضي القضاة ، وكان لي شرف ترؤس الجلسة الثالثة في المؤتمر بعنوان انعكاس الثقافة الاسلامية على المبادرات الاردنية.
هذا العنوان يدعونا اولا الى التذكير ( بمصطلح الثقافة) لاقول ان صراع المصطلحات والمفاهيم من اخطر ميادين الصراع ، وقد وضحت ذلك في كتابي ( الوسيط في الحضارة الاسلامية) ، الثقافة هي حصن الأمة ، وهي الاستراتيجية ، هي الماركة المسجلة لأي أمة من الامم ، هي التي تصبغ اَي أمة بصبغتها الخاصة ، هي التى تطوع المادة لأهدافها ، سيف يوجه للحق ، وسيف يوجه لتمكين الباطل.
المشكلة احيانا ليس في التنظير فكم من مؤسسات نجحت في التأصيل النظري ولكنها لم تنجح في الممارسة العملية.
الثقافة هي السلوك الممارس الذى ينطلق من القيم التي يُؤْمِن بها الانسان لان الأصل هو الانسان الساكن وليس المساكن ، والسلوك هو المعول عليه وليس الكلام فقط.
فإذا أضفنا الى الثقافة جذرها الذي ترتكز عليه وهو الاسلام أصبحنا امام ثقافة معرفة بأنها إسلامية اَي انها تنطلق في قيمها وتطبيقاتها من الاسلام.
المؤسسات المشاركة لا تنتج ثقافة وإنما توجه وتؤطر نحو الثقافة المطلوبة ، والتشاركية بين المؤسسات التي تعنى بالثقافة ضرورية، ويجب ان يستمر بعد انقضاء المؤتمر لا ان نكتفي فقط بكلمات الافتتاح.
ان المخزون الذي توجه اليه هذه الأفكار هو الناشئة ، والذين يتركزون اكثر في وزارة التربية والتعليم ، والتي قال وزيرها في كلمته الافتتاحية بان مهمة الوزارة هو التربية كمكون أساسي قبل التعليم وضرب امثله على الانفصام بين النظرية الإيجابية التى ندرسها في المدارس ، ومخرجاتها السلبية في بعض ، والتى تحتاج الى اعادة النظر في الاتجاه الصحيح.
نحن امام مواجهة حضارية لها آلتها الثقافية ، ولها آلتها العسكرية والامة في حالة ضعف وتشتت ، والخوف من الاسلام اصبح هاجسا لدى الآخرين ، ناهيك عن تشتت أفهام ابنائه بين تطرف واعتدال وانفلات ، فنحن بحاجة الى اعادة التأكيد ان هذه الأمة بحاجة الى اعادة تشغيل مفتاح قوتها وعزتها بالفهم السليم لهذا الدين الذى يُؤْمِن باحترام الاخر والدين الاخر والفهم الاخر والجنس الاخر ولكنه يركز على انه من حق ابنائه ان يعيشوا في افيائه بعزة وكرامة.
هذه الأمة فيها من الطاقات والامكانات التى تم تبديدها في غير مكانها ، في صراعات داخلية ، طائفية ومذهبية ومصلحية لم تنتج لنا الا الخراب والدمار. وعندما يصبح بأس الأمة بينها كبيرا فأن الخطر عليها داهم ، وهنا يأتى دور المثقفين والعلماء الذين هم نبراس مضيء كما ينبغي ان يكونوا لهذه الأمة ، يأخذون بايدي ابنائها الى الفهم السليم ، هذه الأمة تضعف ولكن لن تموت ، هذا الإيمان يضعف ولكنه لن يموت، والامل الذي رسمه الله سبحانه وتعالى لنا كأمة ودين يبقى شعاعا في ليل مظلم لا بد ان يتبعه نهار.