د. عميش يوسف عميش
وجه جلالة الملك عبدالله الثاني في (18/10/ 2016) رسالة الى دولة السيد زيد الرفاعي لاختياره لترأس اللجنة الملكية لتطوير الجهاز القضائي. مؤكداً جلالته في رسالته ان القضاء كان على الدوام وما يزال على رأس اولويات جلالته وفي صلب اهتماماته. وان قياس تقدم الدول ورفعتها يعتمد بشكل رئيسي على استقلالية وكفاءة الجهاز والسلطة القضائية وهي ثابتة وتم التأكيد عليها في دستورنا (1952). وان الجهاز القضائي بحاجة الى استراتيجية شاملة لتطويره وتعزيز امكانياته كما اشار اليها جلالته في ورقته النقاشية السادسة.
اختار جلالته زيد الرفاعي لترؤس اللجنة الملكية لتطوير الجهاز القضائي لما عرف عنه من خبرة عالية وباع طويل في القضاء وتعيين (14) عضواً من ذوي الخبرة القضائية الاكفاء. تلا ذلك ان بعث الرفاعي برسالة جوابية لجلالته قدم فيها الشكر والعرفان باسمه واعضاء اللجنة بهذا التكليف السامي وتنفيذاً لأمر جلالته عقدت اللجنة عدة اجتماعات مكثفة واطلعت على اراء الجهات المعنية المختلفة ووضعت التوصيات وفي (1/2/2017) صدر تقرير اللجنة الملكية ويقع في (282) صفحة ويحتوي (49) توصية تتضمن السياسات والاهداف الاستراتيجية للقضاء والبرامج المقترحة لتحقيق تلك الاهداف. كذلك اقتراح التشريعات اللازمة لإنفاذها مع تحديد الجهات المسؤولة عن التنفيذ واجال التنفيذ والتي وضعها الرفاعي واعضاء اللجنة الملكية جميعها بين يدي جلالته لاتخاذ ما يراه مناسباً بشأنها.
لقد قمت بدراسة التقرير واعتبره نموذجاً لأصول التطوير القضائي وسيادة القانون كما كان يريده جلالة سيدنا. التقديم للتقرير يؤكد تطوير الجهاز القضائي كدعامة اساسية لسيادة القانون، خاصة ان جلالته وضع القضاء على رأس اولوياته منذ توليه سلطاته الدستورية ولأنه احدى السلطات الثلاث التي تقوم عليها الدولة الاردنية والتي ترسخ مبدأ سيادة القانون وتحقيق مبادئ العدالة والمساوة والنزاهة وتعزز من الثقة بسلطات الدولة ومؤسساتها. وانطلاقاً من رؤى جلالته التي عبرت عنها الورقة النقاشية السادسة، والرسالة الملكية لدولة رئيس اللجنة من مضامين واهداف قامت اللجنة لاستجابة تطلعات جلالته للنهوض بالقضاء الى افضل الممارسات ، ومعرفة المعضلات وتجاوزها، وبعد التدارس العميق فان اللجنة انتهت الى:
(1) بفضل الرعاية السامية حظي القضاء بمقومات الاستقلال الحقيقي والكفاءة العالية. (2) وغدا قضاؤنا في موقع مميز ونال الترتيب الثاني على مستوى دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا لعام (2016). (3) حرص القضاء الاردني على الاستفادة من التجارب القضائية العربية والدولية بتبادل الخبرات. (4) تأهيل القضاة والكوادر المساندة. (5) وجود محامين وخبراء اداريين فاعلين . (6) وجود كليات حقوق في جامعاتنا تشكل رافداً للقضاء والمحاماة لكن كل ذلك لا يغني عن التحديث في التشريعات وضمان المحاكمات العادلة واستقلالية القضاء.
كما كشفت دراسة اللجنة عن امور مثل :
(1) ضعف الموازنة المخصصة لوزارة العدل. (2) النقص في عدد القضاة والاداريين. (3) ضعف البنى التحتية للمحاكم. (4) تضخم عدد الدعاوى التي يتولاها القضاة .
لذا رأت اللجنة الملكية العمل على تحقيق الاهداف الكبرى وازالة النقص كالتالي:
(1) توفير الضمانات اللازمة لاستقلال القضاء والقضاة وحماية استقلالهم وامنهم. (2) تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة وفقاً للدستور والاتفاقات الدولية. (3) تعزيز قيم النزاهة والمسؤولية لدى العاملين في القضاء.
(4) نشر ثقافة الوعي القانوني لدى المواطنين والمسؤولين في المؤسسات خاصة الاعلام بأهمية سيادة القانون واستقلاله. (5) ارساء نظام قضائي قائم على التخصص الافقي والعامودي وفي قمته محكمة التمييز. (6) اتخاذ التدابير لتخفيف العبء عن كاهل القضاة ومواجهة التضخم في عدد الدعاوى وسرعة الفصل فيها. (7) توفير الدعم الكامل للنيابة العامة لتقوم بمهامها بكل استقلال وكفاءة. (8) بناء مؤسسة فاعلة للتفتيش القضائي بكوادر قضائية مؤهلة. (10) تحديث الادارة القضائية وتوفير الظروف والبيئة الملائمة والموارد المادية والبشرية المؤهلة. (11) سن تشريعات حديثة او تعديل الحالية لضمان تنفيذ السياسات.
ولتحقيق كل ذلك رفعت اللجنة الملكية توصياتها في ثلاثة اجزاء:
(اولاً) السياسات والاهداف الاستراتيجية:
(1) توطيد استقلال القضاء والقضاة وتحديث الادارة القضائية. (2) تحديث العدالة الجزائية وتنفيذ الاحكام. (3) تحديث اجراءات الدعاوى الحقوقية وتنفيذ الاحكام.
(ثانياً) البرامج التنفيذية:
(1) سعت اللجنة لتطوير الجهاز القضائي وتعزيز سيادة القانون على النحو المبين في برنامج العمل لتنفيذ التوصيات وتحقيق اهدافها. (2) وهذا يعني الجهات المكلفة بالتنفيذ كما ورد بالبرنامج التنفيذي ووضعت اللجنة التوصيات بجداول تتضمن (1) التوصية. (2) الاجراء. (3) الية التنفيذ. (4) الجهة المكلفة بالتنفيذ. (5) الاطار الزمني للتنفيذ. التوصيات تتضمن عدة جداول تفصيلية لا بد من دراستها.
(ثالثاً) التشريعات المقترحة:
(1) تعديل القوانين والانظمة النافذة. (2) والبديل وضع نصوص وتشريعات جديدة، تحقيقاً للرؤية الملكية واقترحت اللجنة عدداً من التشريعات التالية لعام (2017) :
(1) مشروع قانون معدل لقانون استقلال القضاء ويشمل (47) مادة. (2) مشروع قانون معدل لقانون تشكيل المحاكم النظامية - (21) مادة. (3) مشروع قانون معدل لقانون اصول المحاكمات الجزائية - (365) مادة. (4) مشروع قانون معدل لقانون العقوبات - (34) مادة. (6) مشروع قانون معدل لقانون محكمة الجنايات الكبرى (مادة واحدة). (7) مشروع قانون معدل لقانون اصول المحاكمات المدنية - (38) مادة. (8) مشروع قانون محاكم الصلح - (22) مادة. (9) مشروع قانون معدل لقانون البنيات - (6) مواد. (10) مشروع قانون معدل لقانون التنفيذ - (48) مادة. (11) مشروع قانون معدل لقانون الوساطة لتسوية النزاعات المدنية (مادتين). (12) مشروع قانون ادارة قضايا الدولة (23) مادة. (13) مشروع قانون معدل لقانون نقابة المحامين النظاميين (3) مواد. (14) مشروع نظام الخبرة امام المحاكم النظامية (13) مادة. (15) مشروع نظام معدل لنظام التفتيش القضائي على المحاكم النظامية (13) مادة. (16) مشروع نظام معدل لنظام المعهد القضائي الاردني (مادتين). (17) مشروع نظام معدل لنظام ترخيص الكاتب العدل (مادتين).
بعد دراستي لتقرير اللجنة الملكية لتطوير الجهاز القضائي وتعزيز سيادة القانون وجدت هذا التقرير بتفاصيله وحيثياته وتوصياته غير المسبوقة وما بذلته اللجنة من مجهود كبير لإخراجه يعتبر جزءاً هاماً في التعليم والتربية الوطنية ويجدر بكل مواطن الاطلاع عليه وفهم مضمونه.
وهنا لا بد من تقديم كل الولاء والشكر لجلالة الملك لمبادرته السامية ونشكر رئيس اللجنة رجل الدولة وصاحب الخبرة العالية الاخ زيد الرفاعي الذي عمل بكفاءة وجهد كبيرين وجميع اعضاء اللجنة لجهودهم المباركة في وضع هذا التقرير الوطني.