د. صلاح جرّار
في زمن الثورة الإعلامية الصاخبة وتغوّل وسائل التواصل الاجتماعي وطوفان المعارف والثقافات، يجد أصحاب الأهداف والبرامج المختلفة فرصاً لا تعدّ وخيارات واسعة من محاولات التأثير على الرأي العام أو حتّى على جمهور خاصّ بعينه.
ومن أبرز الأدلّة على ذلك ما يتعرّض له العرب والمسلمون من حملات التشويه المنظمة في هذه الأيام التي تهدف إلى تأليب العالم ضدّ القوى العربيّة والإسلامية الناهضة والداعية إلى مقاومة الاحتلال الصهيوني للأراضي العربيّة، كما تهدف هذه الحملات إلى تبييض صورة الاحتلال ودعمه وإطالة أمده وإضفاء الشرعية عليه.
وتتسم الردود العربيّة والإسلامية الحالية على هذه الحملات بالفردية، أي أنها تأتي من مبادرات فردية وليست رسمية أو جماعية منظمة، كما تتّسم بالارتجالية ويشوبها الغضب والانفعال.
بينما يلجأ منظمو حملات التشويه إلى خطط وبرامج وقواعد مرسومة ومنظمة ومدروسة بعناية بالغة ويتلقّون دعماً من مصادر كثيرة رسمية وأهلية.
ولذلك فإنّ الذين يتصدّون لحملات التشويه من العرب والمسلمين لا بدّ لهم من التزام قواعد معينة مرسومة تضمن لهم تحقيق أهدافهم. ولا بدّ لهم قبل ذلك من أن يكونوا على معرفة عميقة وواسعة في الموضوع الذين يتصدّون له، لأنّ ضحالة المعرفة في الموضوع تؤدّي إلى هشاشة النتائج وتخدم الطرف المعادي أكثر ممّا تضرّه.
ولا بدّ لمن يتصدّى للردّ أن يسعى إلى معرفة خصمه وخلفياته الفكريّة و منطلقاته في التشويه، كي يربط بين رأيه الذي يروّج له وتلك المنطلقات ويبني عليها ردّه.
وأمّا الردّ على التشويه فلا بدّ أن يشمل جملة من العناصر، أهمها أن تبحث في سيرة خصمك وتاريخه وممارساته وثقافته عن أمثال المآخذ التي يأخذها عليك.
وثانياً أن تبحث في سيرته وممارساته ومعتقداته عن مآخذ وتجاوزات إضافية تذكّره بها كي تحقق عليه مزيداً من الإفحام والغلبة.
وأن تردّ على ما اتهمك به من مآخذ بأن تنفي بالأدلّة المقنعة تلك المآخذ، إن لم تكن موجودة أو أن توجهها توجيهاً إيجابياً إن كانت موجودة فعلاً.
وأن تضيف من فضائلك وفضائل قومك ما تضعف به ميزان خصمك.
وأن تنبّه إلى أكاذيبه وافتراءاته وما زاده وما أنقصه على أن تعزّز ذلك كلّه بالأدّلة والشواهد القاطعة.
وأخيراً لا بدّ من أجل الردّ على الحملات المحمومة ضدّ العرب والمسلمين من توفير دعم رسميّ وأن يصدر عن استراتيجية عربيّة إسلاميّة مدروسة ومتفق عليها. وينصح بإنشاء مراكز دراسات متخصصة في هذا المجال، وتوجيه أنظار الدارسين لدراسة الأمر وفهمه ومعرفة مداخل التأثير فيه كما يفعل الآخرون المتخصصون بالدراسات العربيّة والإسلاميّة.
[email protected]