خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

في السلوك اللغوي!

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. صلاح جرّار من الملاحظ في سلوكنا اللغويّ أننا عندما ترد أسماء أشخاص أو أماكن عربيّة في أثناء حديثنا بلغة أجنبية أننا نغيّر من طريقة نطق هذه الأسماء، فنقول عن أحمد: أهمد، وعن عليّ أليّ، وعن عبدالحليم أبد الهليم، وعن طارق تارك، وعن صابر سابر، وهكذا، مع أنّ هذا الأجنبي الذي نتحدث معه بلغته لا يهمّه إطلاقاً أن يكون اسم الواحد منّا خالد أم كالد، أو اسم مدينتنا الطفيلة أم تفيلا، إلاّ إذا كان اسماً مشهوراً مثل عمّان التي تصبح (أمّان) والعقبة التي تصبح (أكابا).

أتساءل لماذا نغيّر أسماءنا وأسماء أماكننا ومدننا عندما نتحدث بلغة أجنبية؟! هل نريد بذلك أن نقرّب طريقة نطق هذه الأسماء للأجنبي بجعلها قريبة من طريقة نطقه، لأنّهم في الغالب لا يحسنون نطق العين والحاء والخاء كما ننطقها نحن؟ والجواب على ذلك أنني عرفت كثيراً من الأجانب الذين تعلّموا اللغة العربيّة فنطقوا هذه الأصوات تماماً كما ننطقها نحن ولكن بعد جهدٍ وتدريب. كما أنّ حرف الخاء موجود في لغات كثيرة كالألمانية والإسبانية والصينية والإيرانية، فهل سمع أحدكم أن الإسبان نطقوا اسم خوان أو خوليو بتحويل الخاء إلى كاف، إلاّ إذا كان التحويل إلى (هاء) عندهم متفقاً مع إحدى لهجاتهم؟

ولكنّ المشكلة أننا نغير من حروف أسمائنا وأسماء مدننا وقرانا ونحن نتحدث بلغة أجنبية مع العرب أحياناً، فهل المقصود بذلك أن يوهم المتحدث سامعيه أنه أجنبيّ ولا يعرف العربيّة؟!

ويبقى تساؤل آخر مهم، هل صادف أحدٌ منّا أن سمع أجنبيّاً وهو يتحدث معنا بلغته أو بلغتنا يغيّر طريقة نطق اسمه أم اسم بلده من أجل أن يسهل علينا استيعاب ذلك الاسم؟! لا أذكر أبداً ولم أسمع أبداً بمثل ذلك إلاّ ما يفعله بعض الأجانب من اتخاذ أسماء عربيّة لهم من أجل التسهيل على العرب في التعامل معهم، ولعلّنا الأمّة الوحيدة التي تتنازل أمام الأجنبي عن حروف لغتها وأصوات لغتها وطريقة نطقها لأسمائها وأسماء مدنها وقراها، طلباً لرضا الأجنبي، وإن كان ذلك لا يعنيه البتة.

إنّ اعتزازنا بهويتنا وبلغتنا التي نعتقد بقداستها يتطلب منّا أن نحافظ على كلّ حرفٍ من حروفها وكلّ صوتٍ من أصواتها، وأن نفخر بها ولا نتنازل عن شيء منها مهما كانت الدوافع، ما لم يكن العربيّ يعيش مع قومٍ من الأجانب لا يحسنون نطق أحرف اسمه، فعند ذلك يمكنه أن يسهّل عليهم بتقريب اسمه بطريقة نطقهم ما دام يعيش بينهم.

إن من حقّ أي شخص أن يغيّر طريقة نطق اسمه أو تغيير اسمه بالكامل وهو يتعامل مع الأجانب إلاّ أنّ إلغاء أصوات وأحرف عربيّة عن اللسان العربيّ يعدّ شكلاً من أشكال التنازل عن الهويّة الثقافية واللغوية العربيّة.

لأقسام اللغة والأدب في الجامعات دورٌ آخر مهم وهو تيسير التواصل بين الشعوب من خلال قيام هذه الأقسام بتعليم لغاتها القومية لأبناء الشعوب الأخرى، فيسهل التواصل والتفاهم ثمّ التعاون في سائر المجالات.

ومن الأدلة الواضحة على ذلك ما تقوم به أقسام اللغة العربيّة وآدابها من استقبال طلبة من كثير من دول العالم. وممّا أتذكّره خلال سنوات تدريسي في الجامعة الأردنيّة أنني درّست طلبة ينتمون إلى نحو عشرين جنسية من الدول الإسلامية والعربيّة وغيرها مثل: الصين وكوريا وتايوان وماليزيا وإندونيسيا وإسبانيا وأذربيجان وتركيا والبوسنة وإرتيريا والصومال وجزر القمر وبروناي، بالإضافة إلى طلبة من الدول العربيّة مثل مصر وليبيا والجزائر والسعودية والإمارات والبحرين والكويت والعراق وسوريا وفلسطين. وقد وجدت معظم من التقيت بهم من هؤلاء الطلبة بعد تخرجهم يحبّون الأردنّ وأهلها ويفخرون بتخرجهم من الجامعة الأردنيّة.

إنّ أقسام اللغات القومية في الجامعات لم تكن في أي يوم من الأيّام مجرّد حلية أو زينة بل هي ضرورة وطنية لا غنى عنها لأيّ بلدٍ يحلم بالنهضة والتقدّم والازدهار.

إنّ بذل مزيد من العناية والاهتمام بأقسام اللغة العربيّة وآدابها في جامعاتنا هو صورة من صور التأكيد على الهويّة العربيّة لجامعاتنا ولأردننا العزيز، على أن تشمل هذه العناية الحرص على رفد هذه الأقسام بمن هم أهلٌ لها ولرسالتها الوطنية والقومية السلمية.

[email protected]

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF