رأينا
منذ أن أكد جلالة الملك عبدالله الثاني ضرورة وأهمية الاسراع في تنفيذ استراتيجية تنمية الموارد البشرية خلال لقائه الأسبوع الماضي رئيس وأعضاء اللجنة الوزارية العليا لمتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتنمية 2016-2025، أخذ النقاش الوطني التربوي والسياسي والحزبي ومنظمات المجتمع المدني، بُعداً جديداً وقراءة مسؤولة ونوعية لهذه الاستراتيجية الطموحة التي تستند الى رؤية ملكية شاملة وعميقة تلحظ الأهمية القصوى لدور التعليم في نهضة الأمم وقدرتها على التواجد فوق خريطة العالم، إذ أننا نعيش عصراً لا مكان فيه الاّ للعلم والمعرفة والابتكار والمنافسة، ولم يعد مقبولاً ان يبقى المرء، كما الشعوب، في دائرة الاستهلاك او التراجع أمام القفزات النوعية التي تحققها أمم العالم في حقول المعرفة والتكنولوجيا والاقتصاد الرقمي والاكتشافات المستندة الى أبحاث ودراسات تطبيقية ومهنية تكاد ان تكون في حساب الزمن تساوي ما حققته البشرية في عقود أو قرون كما كانت نتائج الثورة الصناعية الأولى والثانية على سبيل المثال..
من هنا، كان محور التعليم في هذه الاستراتيجية مركز اهتمام جلالة الملك واضاءاته على أهمية وجود مناهج متطورة ومعلم يتمتع بمهنية عالية وفرص التعليم المبكر والتقني المتقدم بعيداً عن اساليب الحشو والتلقين وهدر الوقت في قضايا ووسائل تجاوزتها البشرية، ولم تشغل حيزاً يستحق ان يُبذل جهد فيه، الأمر الذي يستدعي وبالضرورة وكما قال جلالته عن حق الاسراع في تنفيذ هذه الاستراتيجية لأن هاجس جلالته هو ان نتمكن من تحسين مستقبل أبنائنا وبناتنا..
ولأن مثل هذه الاستراتيجية الطموحة لا تُبنى ولا تتحقق في شكل منفرد او تُلقى على عاتق وزارة او هيئة او مؤسسة أو لجنة لوحدها، فإن جلالته الذي ينادي باستمرار على ان نعمل جميعاً بروح الفريق الواحد، أكد على ضرورة ان تعمل جميع الادارات التنفيذية في الوزارات والمؤسسات الشريكة على تنفيذ هذه الاستراتيجية.
كذلك ولكون التعليم أولوية وطنية فان الوقت قد حان لأن يدرك الجميع ان تحسين مستقبل أبنائنا وبناتنا يكمن في توفير فرص العمل والحياة الكريمة، وهذا لا يتأتى الاّ من خلال منظومة تعليم متكاملة تلحظ في جملة ما تلحظه تزويد الطلبة على مقاعد الدراسة بكل أسباب العلم والحث على التفكير السليم والابداعي واطلاق طاقاتهم وتحفيزهم للاطلاع على ما وصلت اليه الشعوب الأخرى التي نحن على ثقة بأن شعبنا وابناءنا على الدرجة ذاتها، إنْ لم يسبقها طلبتنا في الابداع والقدرة على الاستيعاب والابتكار، الأمر الذي يتجلى أيضاً في وضع تصور واضح للتعاون مع القطاع الخاص بالنسبة الى التدريب المهني والتقني لضمان عمل مؤسسي يحقق النقلة النوعية التي نحن بأمسّ الحاجة اليها في هذا المجال.
جملة القول ان ما يجري من نقاش وطني موسع وحماسة لتنفيذ المرحلة الأولى من الاستراتيجية التي بدأ العمل لتحقيقها ومستوى التقدم الذي تحقق في انجاز توصياتها يزيد من القناعة بأننا نسير في الاتجاه واننا قادرون وضمن الأجندة الزمنية التي وضعت لهذه الاستراتيجية الطموحة، على تحقيق أهدافها اذا ما واصلنا الثقة بأنفسنا والتفاؤل بقدرتنا على انجاز نقلات نوعية في أكثر من اتجاه، وبخاصة ان المؤشرات الايجابية على ذلك تتزايد إنْ على صعيد المناهج العملية والمطلوبة أم على صعيد تأهيل المعلم معرفياً ومهنياً أم العمل على خلق فرص للتعليم المبكر والتقني المتقدم.