رأينا
في قراءته المسهبة والشاملة خلال اللقاء الذي جمع جلالة الملك عبدالله الثاني وعدد من رؤساء الوزارات السابقين والشخصيات السياسية حدد جلالته ملامح المرحلة المقبلة التي يستعد الاردن لعبورها في ظل اجواء اقليمية ودولية ضاغطة ومفتوحة على احتمالات عدة تستدعي منا، مع التحديات التي تواجهها، الوقوف معا للتخفيف من حدتها والاستعداد لتخفيف اعبائها داخلياً وخارجياً.
من هنا كان جلالته حريصا للتأكيد على ان اولوياتنا في هذه المرحلة هي مصالحنا الوطنية العليا في الوقت الذي تعنيه هذه الاولوية التي لا تتقدم عليها اولوية اخرى، العمل في شكل عاجل واستثنائي لتخفيف الاعباء عن المواطنين لا سيما الطبقتين الفقيرة والوسطى والعمل لتطوير الاجراءات للتعامل مع التهديدات اعتمادا وتقديرا على وعي المواطن الاردني الذي اثبت وطنيته وغيرته واستعداده التضحية من اجل الوطن وادامة نعمة الامن والاستقرار في ربوعه وايضا في تعزيز سيادة القانون والنزاهة والكفاءة الامنية والقضائية في شكل متوازٍ ومثابر من اجل تنفيذ برنامج حازم لمعالجة الفساد والترهل وتطوير اداء المؤسسات.
ما لفت اليه في شأن التحديات الامنية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه بلدنا وشعبنا وبخاصة اشادة جلالته بوعي المواطن الامني وضرورة تطوير اجراءاتنا الامنية للتعامل بشكل افضل مع اي تهديد لأمننا الداخلي، يكتسب أهمية مضاعفة وبخاصة في اشارة جلالته الى ان مؤسساتنا الامنية تحقق نجاحات يومية، لا نبرزها في الاعلام ما يزيد من ثقتنا بنشامى هذه الاجهزة والمؤسسات الباسلة وتأكيد جلالة القائد الاعلى ان التحديات على حدودنا الشمالية تتطلب جاهزية من القوات المسلحة والاجهزة الامنية في الوقت عينه الذي اكد فيه جلالته بثقة واطمئنان اننا لسنا قلقين حول قدرتنا على التعامل معها.
الصراحة والوضوح والشمولية التي تحدث بها جلالة الملك اشرت لها الى ان الرهان الملكي هو على وعي الاردنيين وقدرتهم التي اكدتها الاحداث ووقائع الايام على التماسك والوقوف بصلابة في وجه اي محاولة للمس بأمننا الوطني او تعريض امنه واستقراره لأي مخاطر معتبرا جلالته ان التحدي الاقتصادي هو الاكبر خصوصاً في ما يتعلق بالتصدي لمشكلتي الفقر والبطالة مشددا على دور القطاع الخاص في توفير فرص العمل والمساهمة في زيادة النمو الاقتصادي.
استعراض جلالته للمشهد الاقليمي اتسم ايضا وكعادة جلالته بالعمق والشمولية في ظل تحديات عديدة تواجهها المنطقة ما يستدعي انتباه الجميع ووعيهم بان أولويتنا هي مصالحنا الوطنية، الامر الذي يتجلى في جملة المتغيرات التي ستفرض نفسها منذ الان سواء في ما خص علاقات الاردن بالادارة الاميركية الجديدة والاتصالات المكثفة التي ستتم معها خلال الفترة المقبلة وايضا مع الكونغرس كذلك في التفاؤل الذي ابداه جلالته بالبناء على العلاقات الاستراتيجية مع واشنطن في الفترة القادمة في ذات الوقت الى اننا على تواصل مستمر مع موسكو.
واذ حذر جلالة الملك من خطر اليأس من العملية السلمية وعدم وجود بدائل لحل الدولتين فان جلالته اعاد التأكيد والتذكير على اهمية القدس بالنسبة للمسلمين وانعكاسات ما يمس بالوضع الحالي على الامن والسلام في المنطقة، الامر ذاته لفت اليه جلالته في شأن الاوضاع في العراق حيث لا يوجد للاردن اجندات في البلد الشقيق سوى مصلحة شعبه واستقراره وفي شأن سوريا فان تطوير العلاقات بين موسكو وواشنطن لايجاد حل لهذه الازمة هو الكفيل بانهاء الازمة ومعاناة الشعب السوري كذلك في ليبيا حيث يعمل الاردن وعدد من الاطراف لتحقيق الاستقرار فيها في عين الوقت الذي يجب العمل بلا تردد من اجل مكافحة الارهاب ودعم الامن في المنطقة كون خوارج العصر وعصابات الارهاب هي الخطر الاكبر على المنطقة والعالم.. وهي ملفات وقضايا ستكون على جدول اعمال القمة العربية التي ستعقد في عمان آذار المقبل.