رأينا
فيما يواصل الاردن وقيادته الهاشمية جهوده ويبذل كل ما تتوفر عليه دبلوماسية من احترام ومصداقية في العالم من أجل اعادة الزخم للقضية الفلسطينية واحياء عملية السلام واطلاق مفاوضات جادة وفاعلة استناداً الى حل الدولتين وايضاً في العمل مع جميع الاطراف الدولية والاقليمية للحفاظ على الوضع التاريخ القائم في القدس وعدم المساس به, كما اكد جلالة الملك خلال المباحثات التي اجراها جلالته مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في عمان قبل يومين, وفيما تتزايد الاشارات على قرب تنفيذ ادارة الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب وعوده لاسرائيل بنقل السفارة الاميركية الى القدس, في خطوة تراها معظم عواصم العالم سبباً مباشراً لاطلاق رصاصة الرحمة على جهود احياء عملية السلام وبخاصة حل الدولتين الذي سيكون قد انتهى عملياً بعد اخراج القدس عملياً من موضوعات الحل النهائي كما نصت كل القرارات الدولية وآخرها القرار 2334 الذي اعتبر أي اجراء اسرائيلي احادي الجانب وبخاصة المستوطنات في القدس الشرقية والضفة الغربية باطلة وغير قانونية وتتعارض مع القانون الدولي والشرعية الدولية..
في اطار ذلك كله تبدو المواقف العربية والاسلامية ازاء هذا التطور الخطير خجولة بل غير مرئية ومثيرة للتساؤل عما يحدث فعلاً في اروقة الدبلوماسية العربية والاسلامية وبخاصة ان القدس تتعرض الى ابشع عملية تهويد استيطاني يستهدف طابعها الحضاري والتراثي والانساني العربي والاسلامي والمسيحي وتأتي التهديدات الجادة والمتوقع ترجمتها قريباً على يد ادارة ترامب, كي تغلق الدائرة على الخطر الاستيطاني الاستعماري التهويدي الذي أحدق بالقدس منذ العام 1967 واعلان اسرائيل المدينة المقدسة عاصمة أبدية موحّدة لها اخذت تطوقها بالمستوطنات وتمارس أبشع عملية هدم وترحيل وتغيير ديموغرافي لتغليب اليهودية على الأغلبية الفلسطينية داخل القدس القديمة، وخارجها في ما يسمى القدس الكبرى ثم تأتي قرارات بناء المزيد من الوحدات الاستيطانية التي اتخذتها حكومة اليمين الفاشي في اسرائيل يوم أول من أمس لتؤشر وكما قال نائب رئيس بلدية القدس المحتلة بأن أيدي اسرائيل قد باتت مطلقة وغير مكبلة بقرارات تجميد الاستيطان بعد وصول ترامب الى البيت الأبيض.
لم تعد الأقوال تجدي ولا نعتقد ان المزيد من التصريحات والاعلانات العنترية التي لا تتجاوز حدود الكلام ولا تقترب من حدود الفعل، سيفيد في تغيير او منع الخطر الزاحف والمتدحرج الذي يهدد عروبة القدس ويفتح صفحة التهويد على النحو الذي تخطط له اسرائيل وتنفذه ميدانياً دون أي اكتراث بردود الفعل العربية والاسلامية التي هي وكما يقول مسؤولوها لا تلبث ان تُنسى وان الميدان والحقائق على الأرض هي التي تقرر في النهاية.
آن الأوان لتحرك عربي اسلامي جاد وحقيقي يقنع ادارة ترامب بأن العبث بمسألة القدس سيشعل المنطقة وينقلها الى مرحلة مفتوحة لا أحد بمقدوره التكهن بالمدى الذي ستصل اليه وان خطوة غير حكيمة وغير مسؤولة كهذه، ستطيح صيغة حل الدولتين بما هو الامكانية الوحيدة المتاحة لحل هذا الصراع المزمن وبخاصة ان الاساس في هذه الصيغة هو قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية التي أكدت قرارات منظمة اليونسكو الأممية ان لا علاقة لليهود بها عبر التاريخ..
فهل يتحرك العرب والمسلمون قبل فوات الأوان؟
نأمل ذلك..