رأينا
حدّد جلالة الملك عبدالله الثاني في لقائه رئيسي مجلس الاعيان والنواب والمكتب الدائم لهما، كما في رسالة جلالته الى مدير الأمن العام اولويات وسمات المرحلة المقبلة، سواء في ما خص اقتصادنا الوطني والهموم المرتبطة به وتوجيه جلالته الحكومة لدراسة الاجراءات المقترحة للإصلاح المالي والنظر في الخيارات البديلة التي تحمي الأقل دخلاً ام في تأكيد جلالته لمدير الأمن العام على ضرورة تحقيق أعلى مراتب الاداء والتطوير في جهاز الأمن العام باعتبار ان دور رجل الأمن محوري في بناء دولة القانون وتوفير الطمأنينة.
نحن إذاً أمام رؤية ملكية متكاملة ذات اولويات محددة وواضحة وبعيدة الاثر في المستقبل، كونها مترابطة في الشكل وفي المضمون، فجلالة الملك يقول في ثقة ان ليس هناك أحد قلق على الوطن والمواطن اكثر مني، وهو قول لا يجادل في صحته ودقته أحد، ليس في ان الواقع الميداني يؤكده ويضيء عليه، في ضوء ما يواصل جلالته تكريسه في المشهد الوطني على اكثر من صعيد وقطاع اقتصادي ومالي وثقافي وعلمي وتربوي واجتماعي وصحي وانما ايضاً في حجم وطبيعة الجهود الهائلة التي يبذلها جلالته في الخارج لدعم الاردن والحث على الاستثمار في بلدنا والاستفادة من الفرص الاستثمارية التي تتيحها للمستثمرين قوانين الاستثمار وموقع الاردن الاستراتيجي في المنطقة الذي يسمح للمستثمرين بالاستفادة منه وترويج بضائعهم وخدماتهم من خلاله وعبره.
وإذ حرص جلالته على لفت انظار الجميع في المشهد الداخلي خلال لقائه رئيسي مجلس الاعيان والنواب والمكتب الدائم، فإنما لتأكيد على كثير من الحقائق والدعوات التي كان جلالة الملك دعا إليها مراراً وتكراراً والتي اثبتت الاحداث الاخيرة وخصوصاً في الكرك صحتها ودقتها وهي مقدار حاجتنا وضرورتها الى الوقوف يداً واحدة للمضي قدماً وتجاوز التحديات وايضاً الاعتزاز والفخر بما يقدمه نشامى القوات المسلحة والاجهزة الأمنية من تضحيات وبطولة ونكران ذات دفاعاً عن الوطن وشعبه، والذي تجلى في كوكبة الشهداء الذين ارتقوا ببطولة وهم يواجهون الارهابيين والظلاميين والقتلة والخارجين على القانون، ما يستدعي منا احترام تضحياتهم وتقدير بطولتهم ورعاية أسرهم بجدية ومحبة وشكر، ولهذا كانت رسالة جلالته واضحة عندما قال: لا مكان بيينا لمن لا يحترم شهداءنا ولا يُقدّر تضحياتهم.
ما قاله جلالة الملك لرئيسي مجلس الأعيان والنواب والمكتب كذلك الرسالة التي وجهها جلالته لمدير الأمن العام يجب وبالضرورة ان يقرأها الاردنيون بعمق وتأمل نظراً لما انطوت عليه من اشارات ودلالات وبخاصة دعوة جلالته الى التحلي بالواقعية لما يمكن تحقيقه العام الحالي على اكثر من صعيد، كذلك في التمعن بالمعاني التي أراد جلالته ايصالها في اشارته الى ان أمامنا متغيرات كثيرة على المستوى الداخلي والخارجي.
وإذ لفت جلالته بحسم وحزم إلى أننا لن نسمح بايذاء مشاعر ابنائنا من مختلف الطوائف وان نحمي المواطن ولن نسمح لأحد بالتطاول على الآخر، فإن الوقت قد حان لأن يدرك الخارجون على القانون او اؤلئك الذين يذهبون بعيدة في الاساءة الى مشاعر الآخرين تحت أي ذريعة او تبرير، ان سلطة القانون هي الأعلى وهي التي يجب ان تسود وبالتالي ليلتزم الجميع بالقانون فهو الحمي للجميع وهو الحَكَم العادل بينهم.
خلاصة القول، ان جلالة الملك حدّد بوضوح اولويات المرحلة وحرّي بنا ان نعمل جميعاً من أجل ترجمتها على أرض الواقع والتفهم لحقيقة الأوضاع التي نمر بها خصوصاً ان الأزمة الراهنة ليست اردنية بل اقليمية ورغم الاقرار بأنها نمر بظروف صعبة، ويبقى على رأس الأولويات الوطنية وأهمها حماية الأردن في كل الظروف.