رأينا
فيما تتواصل ردود الفعل الاقليمية والدولية الشاجبة لعملية الكرك الارهابية وتتوسع دائرة الادانات لهذا العمل الاجرامي الذي استهدف الابرياء عشوائياً, ما عكس الهمجية وروح الاجرام التي تعشعش في نفوس هؤلاء القتلة, برزت في المشهد الاردني روح التضامن ووحدة الهدف والغاية والوقفة الصلبة والشجاعة التي وقفها الاردنيون والاردنيات كافة, خلف قيادتهم الهاشمية الحكيمة وجيشهم العربي - القوات المسلحة الاردنية واجهزتنا الامنية الباسلة بمختلف اذرعتها التي كانت كعادتها سباقة وعلى أعلى درجات الجهوزية والانضباط والاندفاع بغير هيبة أو وجل لاحباط العملية ودفن اوهام الارهابيين في أوكارهم والحؤول دون تحقيق هدفهم الخسيس الذي لو اتيحت لهم الفرصة لتنفيذه لكانت الخسائر اكبر واكثر فداحة, لكن العيون الساهرة كانت لهم بالمرصاد ولم يتردد نشامى قواتنا المسلحة وأجهزتنا الامنية في تقديم ارواحهم فداء لتراب وطنهم وحماية لشعبهم واصراراً على تكريس الاردن واحة امن واستقرار في المنطقة التي تشتعل فيها الحرائق وتتعاظم فيها مخاطر الارهاب والتطرف والغلو, وتكاد معظم دولها أن تفقد مقومات وجودها, بعد أن تم زرع الفتن في مجتمعاتها وراحت تحترب في ما بينها.
هنا يكمن المثال والنموذج الاردني حيث المجتمع الاردني في أعلى درجات تماسكه ووحدته الوطنية ونسيجه الاجتماعي المتين, الذي لا يمكن للاختلاف في الرأي أو القراءة لأي حدث أو مشكلة أن تحول دون تعظيم المشتركات والجوامع وتنحية الاختلافات الثانوية وحلّها بالحوار والجدل بالتي هي أحسن طريقاً وحيداً وممراً إلزامياً للجميع, تزيد من صلابته ثقافة الديمقراطية وممارستها التي تسمح للجميع بالتعبير عن ارائهم سلمياً دون اللجوء الى أي شكل من العنف أو التطرف أو الغلو في القول أو الفعل أو احتكار الحقيقة.
أحداث الكرك المؤلمة والمؤسفة لن تكون في نتائجها سوى صفحة مضيئة في الكتاب الاردني الذي يروي حكاية صمود هذا البلد وقدرته على تجاوز المحن والازمات ودفن الفتنة في مهدها رغم الثمن الفادح الذي ندفعه من دماء وارواح شبابنا وابطالنا في قواتنا المسلحة واجهزتنا الأمنية الذين يواصلون تقديم الدروس القاسية للارهابيين وتلقين كل من يحاول المسّ بأمننا واستقرارنا او مجرد محاولة التفكير بشيء كهذا، ما لا ينساه هؤلاء ومَن يقف خلفهم او يمولهم ويسلحهم او يروج لخطابهم الاجرامي وافكارهم الظلامية التي لا صلة لها بأي دين او اخلاق او اعراف او تقاليد، وانهم مجرد ادوات وقتلة في مشروع ظلامي يستهدف الاساءة وإلحاق الاذى بالاسلام والمسلمين وسفك دماء الابرياء وتحويل حياة الناس ومجتمعاتها الى كوابيس واعلاء شأن الكراهية والعداء في مجتمعات بشرية يجب وبالضرورة ان يسود بينها الوئام والمحبة والتعايش كي يعمروا الارض التي امرنا الله سبحانه وتعالى ان نعبده فيها ونحترم حياة الجميع من المسلمين وغيرهم وان لا فضل لعربي على اعجمي إلاّ بالتقوى وأن يكون رسولنا محمد بن عبدالله صلاة الله وسلامه عليه هو قدوتنا في حياته، عندما بعثه المولى عز وجل هادياً ومبشراً ونذيراً.
الاردن قوي بشعبه وقيادته وقواته المسلحة واجهزته الأمنية وهو كما كان وسيبقى القلعة الصامدة والصخرة الصلبة التي تتكسر عليها مؤامرات الاعداء وارتكاباتها ولن تثنينا كل هذه المحاولات الاجرامية الدنيئة عن مواصلة حربنا بلا هوادة وفي كل مكان ضد هؤلاء القتلة والمجرمين، خوارج هذا العصر واشراره.
حمى الله بلدنا وشعبنا وقيادتنا والمجد والخلود لشهدائنا الابرار والشفاء العاجل للجرحى والمصابين.