رأينا
مثقلاً بالرموز والدلالات والرسائل كان الحفل المهيب الذي شهده جلالة الملك عبدالله الثاني يوم أمس والمراسم العسكرية التي جرت في صرح الشهيد لدفن رفات أحد شهداء الجيش العربي في معارك القدس في تعبير واضح ومعبر ومعطر بروائح الوفاء الأردني المشهود لشهداء القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي الذين ضحوا بأرواحهم دفاعاً عن وطنهم وأمتهم ومبادئ الأردن السامية والنهضة العربية.
فالحفل المهيب الذي جرى امس بحضور جلالة القائد الأعلى للقوات المسلحة كان في رمزيته المثلى، عرفاناً ووفاء لرفات مقاتل شجاع بقي جثمانه في مقبرة شهداء الجيش العربي في موقع النبي صموئيل في مدينة القدس طوال السنوات والعقود الطويلة التي انقضت على حرب حزيران عام 1967 وبسبب ظروف الحرب حينذاك دفن مع كوكبة من الشهداء دون أن يكون هناك تعريف لأسماء بعضهم، ما يمنح هذا اليوم أهمية اضافية في أننا نفخر بشهدائنا ونرفع عالياً الرايات التي حملوها خفاقة وقدموا دماءهم فداء لها.
ولمكان الدفن هذه أهمية قصوى في أن رفات الشهيد دفن في مثوى الجندي المجهول بكل ما يعنيه هذا من استحضار لقيم الايمان والشهادة والتضحية والكرامة..
كذلك في المعنى الرمزي والرسالة التي اراد جلالة القائد الأعلى ان يتأمل الأردنيون في معانيها ودلالاتها عندما انطلق موكب الشهيد بعد وصول الرفات الى عمان، محمولاً على ذات عربة المدفع التي حملت جثمان المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال، ملفوفاً بالعلم الأردني من ميدان الراية في الديوان الملكي الهاشمي الى صرح الشهيد ترافقه كوكبة من الفرسان وتشكيلة من الآليات العسكرية الحديثة تعبيراً عن التطور الذي شهده الجيش العربي.
عربة المدفع التي حملت جثمان المغفور له الملك الحسين بن طلال تحمل رفات الشهيد/ الجندي المجهول اشارة ملكية عظيمة وتأكيد على عظمة هذا البلد وحكمة وشجاعة قيادته الهاشمية وتكريم للأبطال الذين حموا بدمائهم الزكية تراب هذا الوطن ودافعوا عن حماه وبذلوا المهج في سبيل ان يبقى عزيزاً كريماً وفي ذلك تأكيد على الوفاء لهم والاعتزاز بهم وتقدير تضحياتهم التي لن ينساها الأردنيون وهم يكتبون تاريخ بلدهم بأحرف من نور اعتزازاً بالشهداء وعهداً بالسير على خطاهم وفي الوقت ذاته استذكارا واحتراما لسيرة ومسار الملك الباني والأب الحاني المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه..
وفي الاحتفال المهيب الذي شهده جلالة القائد الأعلى رمزية اخرى ذات بعد تاريخي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بنهضة هذا البلد والتطور الذي شهده بما هو نتاج الثورة العربية الكبرى وتجسيد للمعاني العظيمة التي انطوت عليها الثورة التي قادها المغفور له ملك العرب الحسين بن علي قبل مائة عام وهي اعادة افتتاح صرح الشهيد ضمن احتفالات المملكة بمئوية الثورة العربية الكبرى، حيث تم تطوير الصرح وتجديد وتحديث باحاته الخارجية وإثراء مقتنياته ومعروضاته التاريخية، مقارنة بما كان عليه عند افتتاحه في الخامس والعشرين من تموز 1977 ضمن احتفالات المملكة باليوبيل الفضي لجلوس جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال رحمه الله.
دفن رفات شهيد من معارك القدس الذي تم يوم امس بحضور جلالة القائد الأعلى تأكيد أردني رسمي وشعبي على أن الأردن وفيّ لشهدائه معتز بتضحياتهم لن تضعفه التحديات ولن يخذل امته وسيكون نشامى جيشه العربي وأجهزته الأمنية الدرع الحصين والعين الساهرة واليد القوية من أجل الدفاع عن الأردن وترابه الزكي وسيبقى على الدوام بلد الأمن والاستقرار والسواعد القوية القادرة على دحر الارهاب وصدّ العدوان.