رأينا
يحتفل الاردن, العرب والمسلمين بذكرى المولد النبوي الشريف, بكل ما تمثله هذه الذكرى من معان في تاريخ الامتين العربية والاسلامية بل والعالم اجمع, وبكل ما مثله الرسول العربي الهاشمي في شخصه الكريم وسيرة ومسيرة حياته الحافلة بالتقوى والاصلاح وجمع شتات الامة والدعوة الى التأمل والتفكير في شؤون الدنيا والآخرة والتي اكتملت باختيار المولى عز وجل لمحمد بن عبدالله رسولاً, هادياً ومبشراً ونذيراً لينشر دعوة الاسلام في ارجاء المعمورة بالهدى والموعظة الحسنة والحق, وأن يجادل الناس بالتي هي أحسن, بعيداً عن غلظة القول أو تنفير الناس من دعوته استجابة والتزاماً وصدوعاً بما اوحى اليه به المولى عز وجل ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك.
ما احوجنا في هذه الذكرى الكريمة التي تجسد في معانيها ويوم ان ولد هادي البشرية وشفيع المؤمنين يوم القيامة, ان نتمثل سيرته العطرة وان نسير على خطواته وان نلتزم ما دعانا الله جلّت قدرته وعلا شأنه وما حثنا رسوله الكريم عليه ان نتبعها حتى لا نضل سواء السبيل وان لا ننحرف عن الطريق القويم وهو اتباع ما جاء في كتاب الله وسنّة رسوله وان نكون أهلاً للدين العظيم, دين المحبة والسلام والاخاء والمساواة والرحمة الذي جاء الى البشرية منقذاً وسداً منيعاً في وجه الكفر والزندقة والانحراف وان نعمل لدنيانا ولآخرتنا حيث لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم.
في ذكرى مولد النبي العربي الهاشمي الأمي, يجدر بنا ان نقرأ ملياً ونتأمل في مسيرة وتاريخ ومسار المشوار العظيم الذي بدأه سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه منذ ان نزل عليه الوحي حتى التاريخ الذي اختاره المولى الى جواره بعد أن اكمل لنا ديننا ورضي لنا الاسلام دينا, كيف نهض بالمسؤولية التي اوكلها اليه رب الناس فيما احجمت الجبال عن قبولها وكيف استطاع بحنكته وحكمته وبصواب رأيه وقدرته على الاقناع وكسب القلوب حتى قلوب المناوئين والمعادين لدعوته وكيف أقبل الناس على دين الله افواجاً بعد ان رأوا باعينهم وشاهدوا بالمحسوس كيف يتصرف النبي وكيف يتعامل مع الناس بتواضع وبحكم بالعدل ويستمع ويحاول بالتي هي احسن، بعيداً عن الغلو او الاستعلاء او التجهم وقبولاً بآراء مغايرة لا سبيل سوى الحوار الى تغييرها واكتساب اصحابها الى جانبه وكيف أصبح هؤلاء بعد اقتناعهم دون اكراه السواعد والسيوف والعقول الى جانب رسول الله في نشر الدعوة وانتشار الاسلام والمراكمة على بناء الصرح الحضاري والاخلاقي والعمراني والذي اقامه الاسلام بانتشاره ودخول الأمم والاقوام والشعوب فيه دون ان يكون لعربي على اعجمي فضل سوى بالتقوى وما يُقدمه من خير للناس ويسهم في اقامة العدل على الارض التي اراد الله سبحانه وتعالى لبني آدم ان يعمروها ويعبدوا الله فيها ويرفعوا راية الاسلام عالياً.
في ذكرى المولد النبوي الشريف يجدر بالعرب والمسلمين ان لا يغفلوا للحظة واحدة ما استطاع سيدنا محمد عليه سلام الله ورضوانه ان يجسده في مسيرته التي تعرض فيها للاذى من قبل اعداء الاسلام ولم يتعامل معهم نبي الله سوى بالمودة والحوار ورفض العنف او اعمال السيف في رقابهم بل دعاهم بصلابة ومرونة في الان نفسه الى الحوار والجدال بالتي هي احسن، ولم يكن فظاً او مستعلياً معهم بل تعامل معهم برفق واخوة وأمّن اتباع الديانات الاخرى على اموالهم واعراضهم ما بالك الذين حاولوا وأد دعوته عبر تسخيفها والحطّ من شأنها لكنه في النهاية انتصر عليهم بحكمة وأخذهم الى جانبه وساروا على هدي سنته بعد رحيله الى الرفيق الاعلى، مستلهمين ما جاء في كتاب الله ومقتدين بنبيهم الكريم الذي ما خذل أمته، ولا تخلى عن دعوته تحت الضغوط او محاولات الايذاء والمطاردة.
كل عام وانتم بخير..