الاب رفعت بدر
لا يكاد يمضي أسبوع، دون تلقي دعوة إلى مؤتمرات في وطننا الحبيب، وأحياناً في دول مجاورة أو بعيدة. لكنّ ما يخص الشأن الداخلي، هو هذه المؤتمرات اليومية، والتفكير حول انعكاساتها الإيجابية على وحدتنا الداخلية أولا وعلى صورتنا الخارجية ثانيا. ولنا في هذا المجال خمس نقاط :
أولاً: الصورة الرائعة التي نبيّنها في مؤتمراتنا هذه هي انّ بلدنا آمن ومستقر. وهذا ما نحمد الله تعالى عليه، وما نرجو له الاستمرار. وبالأخص، انّ المشاركين يأخذون صوراً تذكارية، ويبثون فيديوهات مباشرة، انها صورة حضارية نرسلها من الأردن إلى العالم أجمع، بأنه لا تنمية فكرية وثقافية، بدون حالة الأمن والاستقرار التي نرجو أن تعود إلى الدول المجاورة.
ثانيا: تعاني السياحة بشكل عام من تراجع، مع تحسنها النسبي هذا العام، لكن الانشطة التي نقوم بها هي مناسبة للحديث عن «سياحة المؤتمرات»، واستقبال الوفود العديدة القادمة الينا يوميا. وعلينا أن نقدم معلومات وبروشورات حول الأردن والكنوز التي يحتويها بلدنا الحبيب. وكذلك من المهم أن تتضمن المؤتمرات زيارات ميدانية لمناطق سياحية، وبالأخص عندما يكون المؤتمر إعلامياً أو يستضيف إعلاميين من دول صديقة. وهنا الاقتراح ان تتم شراكة الجهات المنظمة للمؤتمرات مع وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة ، لكي يتم تزويد كل مؤتمر بمنشورات خاصة عن الاردن، كما وترتيب زيارات الوفود الى الاماكن السياحية ، مع مرافقين أكفاء.
ثالثا: هنالك ثقافة في الحوار، وعرض الرأي والإصغاء إلى الرأي الآخر. ان الحوار ثقافة قبل أن يكون فقط عرضاً للرأي. إلاّ انّ العديد من المداخلات هي لمجرّد الحديث، وأحياناً كثيرة يُخلَط بينها وبين المحاضرة، فتكون بنفس طول المحاضرة. وهذا يعتمد طبعاً على المدير أو رئيس الجلسة في تحديد وقت للمداخلة. لدى مشاركتي قبل أشهر في الأمم المتحدة بجنيف، لم تكن الكلمات الرسمية أكثر من 7 دقائق بينما المداخلات 3 دقائق، ومن ثم تنقطع الكهرباء من الميكروفون. ان ثلاث دقائق هي المتوسط لتقرير إخباري على الفضائيات الإخبارية، وهو كاف ليقدم قصة وأراء ومقابلات، بينما متداخلون لدينا يريدون الحديث لأطول فترة ممكنة. علينا أن نتقن فنّ الحوار في الكلام والاصغاء والاختصار. رابعاً: هنالك شراكات كبيرة بين مؤسسات محلية تنظم مؤتمرات وورشات عمل. والجميل انّ الشركاء الأجانب لا يتحدثون كثيراً، ولا يتخطى دورهم أكثر من كلمة ترحيبية. وعلى المؤسّسة الوطنية والمحلية فن التنظيم واختيار المتحدثين وتأمين الحضور. الشراكات جيّدة وعلينا أن نشجعها، شريطة طبعاً أن تكون الجهة الشريكة معترفاً بها محلياً ومعروفة بنزاهتها وشفافيتها.
خامساً: يبقى السؤال، ما مدى معرفة الجمهور العريض بهذه المؤتمرات، وما مدى فعاليتها؟ وما مدى اسهام التوصيات والمخرجات في تنمية المجتمع والمشاركة في الحراك الفكري الإيجابي. لا يمكن بدون شك، أن نضع كل توصيات المؤتمرات على أرض التطبيق الواقعي. وهذا ما نسعى إليه طبعاً. وبالرغم من ان الدرب طويل، لكن المؤتمرات أصبحت رافداً أساسياً للمنتج التربوي الثقافي. وصرنا نقول: علينا في المدارس والجامعات والمؤتمرات. ونحن بحاجة إلى تطوير تنظيم الندوات وورشات العمل والمؤتمرات لتصبح معروفة أكثر لمواطنينا الأحباء ومقدّرة ومسهمة فعلياً في تنمية المجتمع من جميع النواحي. وبعد، أنّ السؤال حول المؤتمرات الجارية لدينا ، تقودنا الى السؤال حول الصورة التي تقدّمها فعاليات أردنية في المؤتمرات الخارجية ، وهذا ما نتركه لحديث آخر ، باذن الله.
[email protected]