د. صلاح جرّار
جميلٌ أن يكون في كلّ بيْتٍ أردنيّ نواةٌ لمكتبة يلوذ بها أفراد الأسرة كلّما سنحت لهم فرصةٌ للقراءة، حتّى لو بدأت هذه المكتبة بخمسة كتب، وجميلٌ جدّاً أن تتصدّر كتب التراث أرفف هذه المكتبة، وجميلٌ أن يكون المتنبي حاضراً في كلّ بيت يحيي في النّاس معاني العزّة والأنفة والكرامة والكبرياء الوطني والقومي بعد أن أخذت هذه المعاني تنحسر من وجداننا شيئاً فشيئاً نتيجة ما تمرُّ به الأمّة من ضعف وتراجع وتمزّق وتناحر.
لقد سعدت كثيراً عندما رأيت ديوان المتنبي في مجلّدين من بين عناوين الكتب الخمسين التي أصدرتها مكتبة الأسرة الأردنيّة في دورتها العاشرة لهذا العام 2016، فالمتنبي ليس شاعراً عابراً في تاريخ الشعر العربيّ، فهو شاعر الأمّة العربيّة بلا منازع، وشاعر من شعراء الإنسانيّة جمعاء، لما يكتنزه شعره من معانٍ وقيمٍ وأفكار إنسانيّة نيّرة، وهو ليس غريباً عن الأردنّ، فقد زارها وأقام في جرش وطبرية نحو خمس سنوات، ومدح زعماءها مثل بدر بن عمّار الأسدي في طبريّة وأبي الحسين علي بن أحمد الخراساني المرّي حاكم جرش وعجلون.
وفي كلّ سنة في مثل هذا الموعد تقريباً تنظم وزارة الثقافة مهرجان القراءة للجميع الذي تقام فيه معارض لإصدارات مكتبة الأسرة في مختلف محافظات المملكة، وتباع هذه الإصدارات للجمهور بأسعار رمزيّة لإتاحة الفرصة للأسر الأردنيّة اقتناء هذه الإصدارات وقراءاتها. وتراعي الوزارة في اختيارها للكتب المنشورة التنوّع في موضوعاتها الفكرية و الثقافية، والحرص على أن يكون بعضُها مؤلّفات أردنيّة، وبعضها مؤلّفات عربيّة، وبعضها مؤلّفات عالمية، وبعضها تراثياً، وبعضها عصرياً، وبعضها للأطفال.
وفي ضوء ذلك فإنّ هذا المشروع يعد من أهم مشروعات وزارة الثقافة، ولئن كان ما يصدر من المؤلّفات عن مشروع مكتبة الأسرة لا يحظى كلّه برضا الناس كافّة، وهو أمرٌ طبيعي، إذ إنّ رضا النّاس غاية لا تدْرَك، لأنّ اختيار هذه المؤلّفات دون غيرها لإعادة نشرها يخضع لمعايير تجتهد في وضعها لجنة متخصّصة ومتغيّرة.
لذا فإننا نطمع في أن تستمرّ وزارة الثقافة في تبنّي هذا المشروع الوطنيّ المتميّز، وأن تتحرّى لجانها أعلى درجات الدقّة في اختيار المؤلّفات التي تقوم بنشرها أو إعادة نشرها في كلّ عام. ونتطلع كذلك أن تنظر وزارة الثقافة في زيادة عدد المنشورات التي تصدرها سنوياً في إطار مشروع مكتبة الأسرة إلى مئة كتاب، وأن تسعى إلى زيادة النسخ المطبوعة من كلّ كتاب إلى عشرة آلاف نسخة بدلاً من خمسة آلاف، فقد ثبت من خلال الدورات السابقة لمهرجان القراءة للجميع إقبال المواطنين بكثرة على هذه الإصدارات ونفاد هذه الإصدارات سريعاً.
[email protected]