رأينا
عكست المباحثات التي اجراها جلالة الملك عبدالله الثاني مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في العاصمة طوكيو الأهمية التي يوليها جلالته ورئيس الوزراء آبي الى تطوير وتعزيز العلاقات الاستراتيجية التي تجمع البلدين والآفاق المفتوحة أمامها كي تكون بالفعل علاقة نموذجية يُحتذى بها في عالم يموج بالمشكلات والصراعات والحروب، وبما يؤكد الحاجة الماسة الى ادامة التنسيق والتشاور بين عمّان وطوكيو وآليات تعزيز التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية.
وإذ حظي الجانب الاقتصادي بأهمية خاصة في المباحثات بين جلالته والسيد آبي وبخاصة برنامج التعاون الاقتصادي مع اليابان، وتم طرح المشروعات ذات الأولوية بالنسبة للاردن للاستفادة من برنامج المِنح التنموية للمشروعات، بالاضافة الى دعم الموازنة من خلال القروض الميسرة والتي تخفف من عبء خدمة الدين العام، فان اعلان الجانب الياباني تقديم ثلاثماية مليون دولار قرضاً تنموياً بشروط ميّسرة، فضلا عن عشرة ملايين دولار كمنحة لأنظمة مراقبة الحدود، يؤشر الى الصدقية والاحترام التي تحظى بها الدبلوماسية الاردنية التي يقودها جلالة الملك والنظرة الايجابية التي تنظر بها عواصم العالم الى التجربة التنموية الاردنية الامر الذي انعكس ايضا في هذه المباحثات على بحث سبل تعزيز علاقات التعاون بين القطاع الخاص في البلدين الأمر الذي تجلى في انعقاد منتدى الاعمال الاردني الياباني بين ممثلي القطاع الخاص في البلدين على هامش الزيارة الملكية.
من هنا يمكن القول بثقة واطمئنان الى ان الزيارة الملكية لليابان التي حظيت باهتمام لافت في وسائل الاعلام اليابانية، قد حققت اهدافها وسجلت مراكمة ايجابية على نتائج زيارات جلالته السابقة لليابان، وجاءت المباحثات المعمّقة في مجالات عديدة لتؤكد اهمية وحيوية الدور الذي يلعبه الاردن في قضايا المنطقة والعالم، حيث تم بحث التعاون في المجالات الامنية ومكافحة الارهاب واهمية تعزيزه ما اسهم ايضا في تأكيد رئيس الوزراء الياباني في هذا الصدد، حرص بلاده على تعزيز العلاقات مع الاردن على المدى البعيد، فضلاً عمّا تم بحثه بعمق في شأن الاوضاع والقضايا الاقليمية وبخاصة مستجدات الاوضاع في سوريا والعراق وليبيا واليمن وجهود احياء العملية السلمية بين الفلسطينيين والاسرائيليين اضافة الى الحرب على الارهاب، وهو ما اكّد عليه السيد آبي عندما لفت الى ان طوكيو حريصة وعازمة على تعزيز دورها في المنطقة والبناء على مشروع ممر السلام الى جانب بحث دعم مشروع قناة البحرين.
من جانب آخر، تطابقت وجهات النظر الاردنية اليابانية في شأن أهمية التوصل الى حل سياسي للازمة السورية يحفظ وحدة سوريا وسلامة شعبها في الوقت ذاته الذي ثمّن فيه رئيس الوزراء الياباني وعبر عن تقديره العميق لما يقدمه الاردن على الساحة الاقليمية ودوره في تعزيز استقرار المنطقة وما يبذله من جهود ويتحمله من اعباء خصوصاً جراء استضافة اعداد كبيرة من اللاجئين.
ولعل ما جاء في التصريحات الصحافية المشتركة التي أدلى بها جلالة الملك ورئيس الوزراء الياباني عقب المباحثات التي اجراها الوفدان ما يعكس بالفعل التزام عمّان وطوكيو بمواصلة تطوير العلاقات الاستراتيجية بينهما وهو ما تجلّى ايضا في التوقيع على عدّد من الاتفاقيات الجديدة بين البلدين الامر الذي عكسته كلمة جلالة الملك الشاملة، والمكثفة والتي بادله السيد آبي كلمات الصداقة العميقة والعلاقات الاستراتيجية والتاريخية بين البلدين والشعبين ما شكل فرصة للارتقاء بهذه العلاقات الى مستويات اعلى واكثر عمقا وشمولية ويؤشر في الآن ذاته على ان جهود جلالة الملك المباركة والدؤوبة والموصولة انما تصب في خدمة المصالح الوطنية الاردنية العليا وتسهم في رفد الاقتصاد الوطني بكل عوامل القوة وما يمكنه تخفيف اعباء الدين العام ودفع مسيرة التنمية والاصلاح الى الامام.