رأينا
نفجع كل يوم بحوادث سير مؤلمة وقاتلة والاساس ايضاً - حتى نكون اكثر صراحة مع أنفسنا وضمائرنا - انها حوادث عبثية لا داعي للاختباء خلف القضاء والقدر, لاخفاء مسؤولية الافراد والجهات ذات الصلة بما يحدث من ازهاق للارواح البريئة وهدر للموارد والطاقات واضاعة للوقت وتلويع الناس بين ثكالى ويتامى ومصابين, فضلاً عن مواصلة طقوس الجاهات واستعراضات الوساطة التي تشجع في معظمها المستهترين على مواصلة عبثهم وتجاوزاتهم وعدم التزامهم القوانين وضربهم عرض الحائط بالدعوات الى التزام السرعة المقررة وعدم تجاوز السيارات والمركبات دون تبيان الطريق وكشف المخاطر قبل الاقدام على مخاطرة التجاوز التي لا تمنح المتجاوز سوى دقائق معدودات كي يسبق سيارة أمامه, فاذا به يفقد نفسه ومعه ارواح بريئة لا ذنب لها سوى انها استقلت مركبة عمومية حافلة او سيارة تاكسي, حريّ بهؤلاء الذين يفترض انهم اجتازوا اختبارات سواقة وصيانة وأدوا امتحانات في اشارات وقواعد السير المأمونة, اكثر الناس حرصاً على عدم التجاوز أوتخطي القوانين المرعية.
واذا كنا نشعر بالحزن والغضب على كل ما حدث ويحدث - وسيحدث للاسف - على شوارعنا وطرقاتنا داخل المدن والبلدات وعلى الشوارع الموصلة اليها, فإننا نبدو وكأننا نكرر ما سبق ان قلناه وقاله غيرنا من الحريصين على عدم الاستمرار في هذا الجنون والعبث الموصوف حوادث السير والتي هي من صنع البشر اولاً واخيراً ومن سوء بعض الشوارع والطرق ومن غياب الشواخص والدوريات المتحركة والثابتة التي من أسف لا تمنح الاولوية الا للسرعة وتجاوزها, على اهميتها الا ان هناك ما هو على تلك الدرجة من اهمية تجاوز السرعة إن لم يكن اهم منها, مثل الفحص الميكانيكي الميداني والعياني للمركبة أو الحافلة وخصوصاً لجهة صلاحية اطارات المركبات وكوابحها واضاءتها بما في ذلك «الغمازات» فضلاً عن حال المركبة بشكل عام إن كانت صالحة للسير ام لا..
لا ندّعي الحكمة ولا نقلل من شأن الجهود المبذولة التي تقوم بها الجهات ذات الصلة بدءاً من دائرة السير وليس انتهاءً بدائرة ترخيص السيارات والسواقين وما بينهما من أفراد وهيئات ومؤسسات خاصة او عامة، الاّ انّا يبدو ما نزال في المربع نفسه، الذي يتحدث نظرياً، ويعقد الندوات ويقوم بالحملات التفتيشية الموسمية دون ان تكون كل تلك الاساليب رادعة او كفيلة بوضع حد لمثل هذه التصرفات التي تدمي القلوب وتخرّب البيوت وتستنزف الموارد وتزهق الأرواح..
هل ثمة، امكانية لأن نقترح بتفعيل القوانين وتغليظ العقوبات على من يكون مسؤولاً عن حادث سير اياً كان حجمه (وطبعاً ليس المقصود بالحجم انه بالضرورة مرتبط بعدد الوفيات اوالمصابين) وذلك بسحب الرخصة لمدة معينة (وفق القانون ومقدار المسؤولية) وربما سحبها نهائياً اذا ما ثبت ان «الشخص» نفسه يكرر الحوادث ويتسبب بالاساءة على درجاتها فضلاً عن حجز المركبة ومنع استردادها الا مقابل عقوبة معينة، خبراء السير هم المعنيون بتقديرها مالياً او نقاط على الرخصة.
لن يكون حادث حافلة اربد المؤلم الذي قيل ان تغيير المسرب هو سبب الفجيعة التي اودت بالعشرات بين قتيل ومصاب هو الأخير، ولن يكون «عريس» إربد الذي قضى دهساً وهو يستعد ليوم زفافه يوم غد الجمعة، هو آخر الضحايا، اذا ما واصلنا تجاهل ما يحدث وأبدينا عدم اهتمام بالمجزرة اليومية التي تُرتكب بحق أبرياء وعلى كل صاحب صلة في هذا الشأن ان يتحمل مسؤولية..
آن الأوان لأن نقول جميعاً وبصوت واحد.. كفى،
ضعوا حداً لهذا الموت المجاني الذي يفتك بنا
ويصيبنا بالحزن والأسى والإعاقات..