الاب رفعت بدر
شهد الاسبوع الماضي لقاء تاريخيا بين مجلس الكنائس العالمي ومجلس حكماء المسلمين، برئاسة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، والذي عُقد بمقر مجلس الكنائس بجنيف - سويسرا، في الفترة من 30 ايلول وحتى 1 تشرين الأول، 2016. وقد دلّ على امكانية، بل ضرورة التعاون ، بين المراكز الفكرية ، لتعزيز ثقافة التقبل والاحترام المتبادلين، بين اتباع الاديان .
بالرغم من «الحرائق « التي ما زالت تشتعل في منطقتنا العزيزة ، وفي غير بقعة من العالم ، من الجميل والهام والمؤثر ان يركز العالم اليوم على صوت العقل والحكمة والمنطق، وهو لن يأتي ما لم يكون التعاون هو المطلب وهو سمة العصر. فقد انطلق قطار الحوار، وبالأخص الديني، من مجرد الاصغاء الى الكلمات الرنانة، الى مرحلة حث جميع الناس على التعاون والبناء المشترك.
تردّد مصطلح «ثقافة السلام» في مجمل أعمال المؤتمر ، حيث كان الاهتمام الرئيسي في اللقاء هو تعميم هذه «الثقافة «، في مناطق تتقاطع فيها المصالح ، وتنتشر فيها ثقافات جديدة ، وقيم مصطنعة ، ومن المهم العودة الى الجذور الحقيقية للثقافة ، بان تكون بانية لا هادمة ، وبان تكون خادمة للكرامة الانسانية لا مستعمرة لها ، وبان تعزز الحقوق الانسانية والحريات الاساسية ، واهمها الحق في الدين والحق في التعبير. وقد ركزت اللقاءات على دور القادة الدينيين والمؤسسات الدينية في هذا المجال، وتشجيع الجهود الداعمة للسلام. إننا نؤمن –بوصفنا أتباع نبي الله إبراهيم- أن البشر خلقوا ليتشاركوا معًا الحب والمودة والسلام والرحمة والأمانة والإخلاص.
نعم هنالك دور حيوي لأتباع الأديان والقادة الدينيين في صناعة السلام، كما هنالك علاقة بين الفقر والعنف المرتبطين بالدين، لذلك دعا المشاركون جميع القادة الدينيين للعمل على تحقيق العدل والسلام للبشرية جمعاء، و إلى نشر القيم الدينية والتعاون بين أتباع الأديان باعتبار أن ذلك وسيلة لمكافحة التطرف وبعث الأمل لدى الشعوب، والدعوة إلى تمكين الشباب ليكونوا أعضاء فاعلين في مجتمعاتهم. كما أكد اللقاء على ضرورة أن يتمتع الجميع بالحقوق والمسؤوليات المتساوية باعتبارهم مواطنين في بلدانهم. ومهم هنا ان نعيد التأكيد على ان الانسان هو مواطن ومؤمن في آن واحد، عليه واجبات تجاه وطنه ومجتمعه ، كما له حقوق وعليه واجبات تجاه ديانته واماكن عبادته.
من المهم ان نركز على النقاط الخمسة المشتركة التي اكد عليها المجلسان: الكنائسي والاسلامي، وهي تصلح للقناش في لقاءاتنا المحلية والاقليمية والدولية . وهي:
أولا : رفض كل أشكال التعصب والتمييز العنصرى بسبب الدين أو العرق أو الجنس أو الأصل. وثانيا : تشجيع القادة الدينيين على العمل مع الهيئات والسلطات المحلية ذات الصلة من أجل إبراز صورة الأديان بمفهومها السليم.
وثالثا: تشجيع المبادرات الناجحة مثل «بيت العائلة» الذي أسسه الأزهر الشريف في مصر بالتعاون مع الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية والكنائس المصرية، ومحاولة تكرارها. ونضيف هنا مبادراتنا الاردنية الناجحة في هذا المجال .
رابعا: البحث عن السبل المناسبة لتشجيع المساهمات الجادة للمرأة في عملية بناء ونشر السلام. وخامسا: تشجيع وقف سباق التسلح الذي يهدد أمن الشعوب كافة، والدعوة إلى توجيه هذه الموارد لمحاربة الفقر والجهل والمرض التي تواجه الشعوب الفقيرة والغنية على حد سواء.
[email protected]