خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

أَغْلِقْ مدارس وجامعات وافْتَح.. سجوناً ومعتقلات!

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
محمد خروب لن تغيب تركيا عن رادار العواصم الاقليمية والدولية، فما يحدث فيها من تطورات متسارعة, تصب كلها لصالح «ديمقراطية» الرئيس رجب طيب اردوغان عبر إحكام قبضته على البلاد والتعاطي مع اطياف المعارضة من موقع التوابع او الرعايا, واطلاق يد الشرطة(الجيش الموازي لأردوغان) فضلاً عن الاعلام التركي الرسمي, غير المُحترف وخصوصا محطاته الناطقة باللغة العربية مثل «TRT العربية» والتي تكاد تكون نسخة طبق الاصل عن اي تلفزيون عربي, يُمَجّد الحاكم ويُروّج له ويوحي لشعبه انه «لولاه» لما حظي بما يحظى به (...), ما يعني ان وقائع الايام التركية ستنعكس على «اجواء» المنطقة وتُسهِم في تشكيل ملامحها الجديدة, التي يصعب على احد انكار ان الـ «لا» انقلاب الذي ما تزال فصوله تتوالى, قد اسهم اوسيُسهم في تغيير معادلة التحالفات والاصطفافات الاقليمية والدولية, بعد ان بدت انقرة وكأنها على موعد مع قطيعة ما في علاقاتها الأوروبية, وتوترا متصاعدا في علاقتها الاميركية, أقلّه في الاشهر الثلاثة المقبلة التي تفصلنا عن الثامن من تشرين الثاني القريب, حيث سنعرف يومها, مَنْ هو ساكن البيت الابيض الجديد, دونالد ترامب أم... هيلاري كلينتون.

لهذا... فان ما اقدمت عليه السلطات التركية قبل يومين, باغلاق مؤسسات صحية (عددها 35 مشفى ومركزأً صحيّاً) واخرى مدارس خاصة وسكناً طلابياً (1043) ومؤسسات تعليم عالي (15 جامعة خاصة) فضلا عن نقابات واتحادات نقابية (عددها 19) اضافة الى (1229) وقفاً شرعياً وجمعية خيرية, يعني ان ما يجري من ارتكابات ومقارفات قمعية تتجاوز حدود ما وصف «ذيول» الانقلاب الفاشل, لتطال مؤسسات المجتمع المدني المُعارِضة وفي شكل خاص التصفية النهائية للوجود المادي والمعنوي لحركة الخدمة (حِزْمِتْ) التي يقودها الداعية فتح الله غولن, ومصادرة حريات اعضائها والمتعاطفين معها، بكل ما تحمله خطوة الاجتثاث «المكارثية» هذه, من مطاردة وتجويع وتنكيل وملاحقات ودفع لانصارها للنزول «تحت الارض» ومواجهة هذه الهجمة الشرسة غير المسبوقة التي تكاد في فاشيتها وعنصريتها وكيدها السياسي وبطشها, ان تتجاوز ارتكابات وجرائم انقلاب الجنرال كنعان ايفرن في العام 1980 الذي نكّل بدموية ووحشية موثقتين بالمنظمات والاحزاب والهيئات اليسارية, وزجّ في السجون بآلاف المعتقلين, لكن عددهم في ما يبدو لم يتجاوز الاعداد الذين زج بهم اردوغان بعد ال»لا» انقلاب الذي حدث في الخامس عشر من تموز الجاري, والذي وصفه الرئيس التركي بانه جاء «هبة من الله» كي يقوم بتنفيذ المُخطّط الذي وضعه مباشرة بعد فضائح الفساد التي تكشفت في العام 2013 والتي طالت البطانة اللصيقة به, وكانت فضيحة صناديق الاحذية المعبأة «دولارات»... احدى ابرز تجلِّياتها.

لم تتوقف عمليات الملاحقة والمطاردة التي قامت بها الاجهزة التركية الامنيةوالخاصة, التي يمكن وصفها «ميليشيات» الحزب الحاكم, او» فِرَق الموت» الخاصة به, على غرار ما كان يحدث في دول اميركا اللاتينية, لأنصار ما بات يُسمّى في ادبيات اجهزة الاعلام والسياسة التابعة للحزب الحاكم بـ»الكيان الموازي» او «الجماعة الارهابية» منذ ذلك الحين, وكان التركيز على رموزها الاقتصادية الكبرى والحيوية مثل بنك آسيا احد اكبر البنوك التركية واقواها, فقامت بحل مجلس ادارته وسيطرت عليه (سَحَبَت رخصته قبل يومين) كذلك في توجيه ضربة موجعة لوسائل إعلامه عبر اغلاق مجموعة «سمانيولو» التي تمتلك ست محطات فضائية, وكانت سيطرته على جريدة «زمان» ثم اغلاقها بعد ذلك... الضربة الاقسى، حيث هي الصحيفة الاولى ذات التوزيع الاوسع ولديها «مليون» اشتراك يومي.

هل يمكن الان بعد كل هذه المذابح (غير الدموية) بحق الإعلام والصحة والتربية والجمعيات الخيرية والمؤسسات التربوية من مدارس وجامعات وسكن طلابي، ان يقال ان في تركيا ديمقراطية؟ ما دامت التحقيقات لم تنته بعد، ولم تُحدّد هوية القائمين على الانقلاب.حيث الآلاف ممن في السجون هم في وضع «التوقيف» يحملون صفة المشتبه به أو «المتهم» الذي هو في عُرف القانون بريء حتى تثبت ادانته، فكيف يمكن والحال هذه ان يُصار الى اغلاق كل هذه المؤسسات, فقط لانها تابعة او متعاطفة او متعاونة مع «الجماعة الارهابية»؟.

ردود فعل رموز نظام اردوغان العصابية والغاضبة بل وغير المتزنة, تشي بحجم المأزق الذي اوقع فيه الحزب الحاكم ورئيسه.... تركيا، بعد ان ارتفع منسوب الشكوك في «حكاية» الانقلاب, وبعد ان اتخذت حكومة اردوغان من الخطوات والاجراءات وآخرها فرض حال الطوارئ, ما اثار المزيد من القلق داخل تركيا وخارجها، بان ذلك البلد صاحب الموقع الاستراتيجي والمهم في المنطقة, ذاهب الى مرحلة «طويلة» من عدم الاستقرار والمواجهات, رغم كل ما يتبدى ظاهريا من ان الامور «تحت السيطرة .. وممسوكة».. ولعل رئيس وزراء ايطاليا ماتيو رينزي قد اصاب عندما قال: «ان الدولة التي تسجن اعضاء هيئة التدريس والصحفيين, تضع مُستقبلها في السجن»..

في السطر الاخير... المشهد التركي لم يكتمل بعد, وعاصفة التغييرات والاعتقالات الجماعية والتسريح مستمرة بقوة.. ولا بد من انتظار التداعيات التي لن تتأخر في الظهور.

[email protected]

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF