خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

بين الذوق الرفيع .. والذوق الوضيع ..!

بين الذوق الرفيع .. والذوق الوضيع ..!

-
-
طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ

 أبواب - إبراهيم كشت

موضوع الذوق مُهمٌّ ومؤثّر في حياة الفرد والمجتمع ، لأنه يرتبط بالجمال والإحساس به وتقديره والتأثر به ، مع ما لهذا الأمر من انعكاس على الشّعور والسلوك . ولعل مما يُعبِّر عن إيمان الناس بأهمية الذَّوق وأثره ، أنه يَسودُ في أحاديث عامة أفراد المجتمع وصف صاحب اللباقة والتهذيب في سلوكه بأنه يملك ذوقاً ، كما يوصف من يُعنى بجمال الأشياء وتنسيقها وترتيبها وتناسق ألوانها وأحجامها ومواضعها بأنه صاحب ذوق جميل.

 معنى الذوق
الذوقُ في الأصل هو الحاسّة الموجودة في اللسان ، والتي يتم من خلالها التّعرف على الطَّعمِ وتمييزه .  غير أنّ هذا اللفظ استُخدِمَ مجازاً ، وعلى نطاق واسع ، للدلالة على تلك القدرة على التمييز بين الحَسَنِ والقبيح في الأشياء والأشكال والأفكار والكلام والأدب والفن والسلوك ، وقد استُخدم لفظ (ذاقَ) في اللغة منذ القدم بمعنى (أَحسَّ) ، وقيل في مفهوم الذوق بوجه عام : إنّه حاسّة معنوية يصدر عنها إنبساط النفس أو انقباضها ، لدى النَّظر في أَثر من آثار العاطفة أو الفكر .

علاقة الذوق بالجمال
إذا أردنا أن نربط موضوع الجمال بالواقع والحياة ، فإن أهميته تتبلور في تنمية الإحساس به ، أي تذوقه ، وتذوق الجمال لا يقتصر أثره على ما يبعثُهُ في النفس من بهجة ومحبة وإقبال على الحياة ، لكنه يرتقي أيضاً بالمشاعر والأفكار والأحاديث والتّصرفات والمواقف ، ويجعلها أقربَ إلى معاني الحُبِّ والسّلام والهدوء والتّهذيب ، كما يجعل المرء يمقتُ الفَظاظة والغِلظَةَ والعُنف والعدوان والصَّخب والفَوران والعصبيّة ، إنه يسمو بالروح حتى يجعلها تترفَّعُ على السفائف والصغائر ، ويبعث في القلب مشاعر الحنان والعطف والإحساس بالكائنات.
    وعلى مستوى آخر واقعي ، فإن تذوق معاني الجمال والشعور بأهميته ، تبعثُ على الاهتمام بقيمة (الشَّكل) ، وهي قيمة كانت دائماً مدار بحث واختلاف بين المفكرين ، لكن يبدو أنه لا مناص في النتيجة من الاعتراف بقيمة الشّكل وأهميته ومدى تأثيره في الجوهر وتأثير الجوهر فيه ، فكم من معانٍ رفيعة لا تلقى اهتماماً حين تُعرض بأسلوب يعوزه الجمال ، وكم من مضامين عميقة لا يُلتفتُ إليها نتيجة طرحها فـي ثوب ينقصه الحُسن ، وكم من أعمال جليلة تذهب هدراً حين لا تقدم بقالب جميل ، وبما أن للشكل علاقـة وثيقـة بالجمال ، وبالتالي بالتقبّل النفسي والانجذاب ، فهو (أي الشكل) إذن جزء من المضمون ، وليس نقيضاً ولا ضداً له.

فوائد الذوق الرفيع  
لتربية الذوق السليم ، وتعلُّم التذوق الصحيح ـ فيما أرى ـ فائدتان مهمتان : أولاهما أن التذوق الصحيح للجمال والفن والأدب والفكر يُعلِّمُ  التمييز بين الغَثِّ والسَّمين ، والرَّفيع والوضيع، والجليل والهزيل ، والتافِهِ وذي القيمة ، وبالتالي فهو يُعلِّمنا أن نُحبَّ ونكره على نحو سليم ...! غير أن الفائدة الكبرى للذوق والتَّذوق ، والتي قليلاً ما ينتبه إليها الناس ، هي أن ثمة نوعاً من التَّذوق لمُختلف العلوم التي ندرُسها . والقدرةُ على تذوّقِ علم من العلوم هو الذي يدفع من يدرس ذلك العلم إلى التفاعل معـه ، والإحساس به ، والاهتمام بجوانبه ، ومن ثَمَّ الاستزادة منه، والتأمل فيه ، والإبداع في مجاله .  

علاقة التذوق بالنكهة
يُشير لفظ (النكهة) في الاستخدام الدارج إلى معنى الطعام أو الشراب ذي المذاق الطيب ، المتفرد والمتميّز عما سواه بطعمِهِ ، لكن هذا اللفظ يتعدى في الاستخدام الواقعي معناه الحقيقي ، ليستخدم أحياناً بمدلولات مجازيـة ، فقد يقال مثلاً : إن لشِعر هذا الشاعر نكهة مميزة ، أو يقال : إن حضور فلان يضفي على الجلسة نكهة خاصة، أو ما شابَهَ هذه التعبيرات ، أو كان منها مُدانياً. وللنكهة بطبيعة الحال صلة بالذوق ، حيث أن (الذوق) يشير إلى حاسة نُميّز بواسطتها مذاق الطعام ، وفي الوقت ذاته يشير (الذوق) إلى الحاسّة التي تبعث انشراح النفس أو انقباضها عند الاطلاع على الفنون والآداب والأفكار ، بمعنى أننا نصل إلى النهكة ونميزها ونحس بها من خلال الذوق .
وضمن المفهوم المتقدم ، أعتقد أن الحياة تكون خالية من (النكهة) إذا سادها الملل ، أو غشيها السأم ، أو خالطها طول الضجر ، أو صبغتها الرتابة والنمطية ، أو ظللها النكد ، أو تغلغلت فيها شدة الكدر ، ولا خلاص للمرء من كل ذلك ما لم يبحث عن (نكهة) يضفيها على أيامه ، تتذوقها مشاعره ، كما تتذوق تلك الحاسة الموجودة في اللسان نكهة الطعام اللذيد. فالنكهة في الحياة هي ما نتذوقه من جمال ، سواء أكان جمالاً يبتهج له البصر ، أو صوتاً تسرُ له الأذن ، أو جمالاً في أدب أو فكر أو فعل ، يشعر به الوجدان لطيفاً ، يبعث في النفس السعادة والانشراح والحب ، ويرسل في المُهجة الانفعال الجمالي ، ويرضي الروح ويحلّق بها.

Facebook.com/Ibrahim.kasht



محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF