أمينــــــة منصور الحطاب
تبدأ رحلتنا الحقيقية عندما لا نعلم أي طريق نسلك ، ويبدأ عملنا الحقيقي عندما لا نعرف ماذا نفعل.هذه العبارة تنم عن حكمة يرويها الجدول الذي تكثر فيه مجراه العوائق فيصدح بأجمل الألحان ،وكذلك هو العقل الذي يواجه التحديات ينهض مبدعاً محطماً كل العقبات، فالحضارة الإنسانية تدين بالفضل للعقل الإنساني الذي كان هادياً وملهماً لها عبر العصور والأزمان ، وعندما يتوهج العقل تبدأ مسيرة الحضارات وتنطلق شعلتها وعندما يخبو بريقه تتداعى الأمم وتنهار .
اعمل عقلك
لقد رفع كانط شعاره المعروف « إعمل عقلك « وأراد بهذا الشعار أن يوقظ العقل الغربي ويخرجه من دائرة الوصاية التي أثقلت كاهله بالتراجع والإهمال. كان كانط يدرك أن العقل الإنساني قائم وموجود وقادر لكن أهميته تكمن في عملية إيقاظه والإنتقال به من حالة السلبية والوصاية إلى حالة الفعل والنشاط والحيوية، وهذا لن يتأتى إلا بكسر طوق الوصاية الذي فرض عليه والإنتقال به نحو آفاق تفيض بالحرية والتقدم والإزدهار . فما من حدود أو خطوط حمراء لقدرات العقل ومفهوم الذكاء ، بيد أن الإحساس بالقصور والتدني والهامشية يقود نحو التراجع والإنكفاء ، فعندما يؤمن الإنسان بذكائه وقدراته العقلية ينطلق إلى الحدود القصوى للفعل والنشاط والمباردة والعطاء ، وكذلك هم الأطفال يصبحون أذكياء عندما يعاملون على هذا الأساس ، فالذكاء قابل للتعلم على مدى الحياة .
عادات العقل
الذكاء بصورته التقليدية يركز على المعلومات وهذا ما تقيسه عادةً الاختبارات ، فتظهر النتائج من له القدرة على استظهار المعلومات ، وتنسى كيف يفكر هؤلاء الطلبة بقضايا تثير عندهم الإهتمام ، وكيف ينتقدون المعرفة بمرونة تدل على ممارسات غير تقليدية للقدرات العقلية والذكاء . ومن أجل تطوير الذكاء وإيصال العقل إلى غايته من الإبداع والعطاء يرى أرثر كوستا أنه لابد أن نجعل العقل يتمرس على ستة عشر عادة عقلية تنهض بالعقل إلى أعلى درجات سموه وأصالته ويستفاد منها في الحياة المدرسية نوردها على النحو التالي :
1/ المثابرة
يرتبط النجاح بالنشاط والفعل ، والناجحون هم أولئك الذين لا يقبلون الهزيمة أبداً وفي كل مرة يخفقون بها يعاودون الكرة ، ويصنعون استراتيجيات متعددة لمواجهة كافة الإحتمالات دون كلل أو ملل ، فالقدرة على المواجهة والتحدي والمثابرة والمواظبة عادة عقلية يمكن تعلمها وتعليمها وهي ضرورية لبناء العقل النقدي المنفتح على كافة الإحتمالات .
التحكم بالتهور
تتضمن هذه العادة امتلاك القدرة على التأني والصبر والمصابرة ، وتساعد الفرد على بناء استراتيجيات محكمة لمواجهة الحقائق واستخدام البدائل المحتملة ، والإبتعاد عن التهور والتسرع والفورية وتقتضي هذه العاده معاودة النظر مراراً قبل الوصول إلى الحكم النهائي أو إلى الإجابة متسرعة .
3_ الإصغاء بتفهم وتعاطف
الإصغاء هو بداية الفهم والحكمة ويولي علماء السلوك فن الإصغاء أهمية حيث يذهب بعضهم إلى الإعتقاد بأن قدرة الشخص على الإصغاء للآخرين والتعاطف مع وجهة نظرهم وفهمها تمثل أحد المستويات العليا للذكاء . ويقول كوستا في معرض انتقاده لأساليب التعليم «أننا نقضي 55% من حياتنا مصغين ومع ذلك فإن الإصغاء هو أقل شيء نتعلمه في المدارس « وفي تأكيده على أهمية تعليم الطلبة فن الإصغاء يقول كوستا «نريد أن يتعلم الطلبة تعليق قيمهم وأحكامهم وأرائهم وانجازاتهم ليتمكنوا من الإصغاء النقدي للأخر والتفكير المحكم فيما يقولون « . وهذا يعني أن فن الإصغاء ليس مجرد عملية بسيطة قوامها أن نستمع للآخرين بل هو فعل نقدي وعمل ذهني معقد يتضمن استخدام القدرات الذهنية وتوظيفها .
التفكير بمرونة
وتعد هذه العادة من أصعب عادات العقل . ونعني بالمرونة فن معالجة المعلومات بطريقة تختلف عن تلك الطريقة التي تعودنا عليها . إنه لمن السهل بمكان أن تعلم شخص ما حقيقة جديدة ، لكنك بحاجة إلى معجزة لتعلمه تحطيم عقلية قديمة اعتاد على رؤية الأشياء من خلالها . ومن هذا كان علينا تعلم الطلبة استخدام طرق غير تقليدية في حل المشكلات ومواجهة التحديات .
التفكير المجرد
ويقصد به التفكير حول التفكير ( ماوراء المعرفي ) وهو القدرة على معرفة حدود ما نعرف وما لانعرف وبذلك نصبح أكثر إدراكا لأفعالنا وتأثيرها على الأخرين والبيئة . وعادة ما نرى أننا لا نتقن هذه العادة لأننا لا نعطي أنفسنا الفرصة الكافية للتأمل في التجارب التي مررنا بها بل أننا في الغالب لا نسأل انفسنا لمذا نفعل هذا ؟؟ وكيف نقيم أداءنا ؟؟ وماهي الإستراتيجيات التي استخدمناها ؟؟..
6/ الكفاح من أجل الدقة
يقول كونفوشيوس « أن الرجل الذي يرتكب غلطة ولا يصلحها يكون كمن ارتكب غلطة أخرى « فالوصول إلى الدقة في أعلى مستوياتها رهان استراتيجي للتفكير الناقد.
ماذا بقي ؟؟ ....
تحدثت عن ست من عادات العقل وفي المقال القادم انشاءالله نوفي الحديث حقه ....
[email protected]