هذان كتابان صدرا في القاهرة منذ عشر سنوات تقريبا، ثم اختفت نسخهما من اسواق مصر، وصار صعبا العثور على أي منها.
اما اولهما فهو يتضمن دفاعاً عن القرآن الكريم في وجه تخرصات الاستشراق، وهو دفاع ذو اهمية خاصة لما نعلمه من عمق اطلاع الدكتور عبدالرحمن بدوي على تاريخ الاستشراق، ومن خبراته بطرائقه، ومن ادراك مراميه، ومن استيقانه لما بينه وبين الصهيونية والاستعمار من صلات. وكيف لا يكون ذلك من صاحب موسوعة المستشرقين، ومن اكثر العرب المحدثين فهما للتيارات الفلسفية في اوروبا، ومن ادناهم الى اعلامها مقتربا، دراسة وشرحا ونقدا في آنٍ.
اما ثاني الكتابين فهو «دفاع عن الرسول» الكريم ضد هؤلاء المستشرقين، وتبيان لما تنكبوه من عظمة النبي محمد صلوات الله وسلامه عليه، في الوقت الذي اشتدت الهجمة المسعورة فيه على الاسلام، وعلى نبي الرحمة الذي تنزلت عليه آيات الكتاب المبين الذي جاء بجامعة الرسالات واشرقت الارض به بنور ربّها، ونودي في الناس انه قد اكمل الله لهم دينهم، واتم عليهم نعمته ورضي لهم الإسلام – الذي نزاور اليوم عن فهمه – دينا..
لقد طلب كاتب هذه السطور من ثلاثة من الناشرين، ممن يختلفون الى مصر العزيزة بين حين وحين ان يسعوا في تحصيل هذين الكتابين ولكنه لم يفز بطائل، فما هو سرّ اختفائهما. وهل تولّت جهة ما شراء نسخهما حتى لا يتداولها الناس في المشرق العربي الاسلامي – وقاعدته مصر – وحتى لا يظهروا على عورات الاستشراق وعلى قلة بضاعته في الاسلاميات، وعلى تجافيه الصارخ عن الموضوعية وان تجُلبب بمسوحها؟
اننا، بسبب من هذه الواقعة المؤسفة لم نطلع بعد على هذين الكتابين اللذين كانا فيما يبدو آخر ما كتبه الراحل الكبير عبدالرحمن بدوي، ولكننا نكتفي بدلالة عنوانيهما لنفهم اسباب حجبهما والائتمار بهما.
ثم ان في تصدي عبدالرحمن بدوي لتخرصات الاستشراق على القرآن والرسول معنى وراء ما يستدل به من ذلك للوهلة الاولى. وهو ان اكبر دارس لفكر الاغريق قديما ولفكر الاوروبيين حديثاً، والمعلم الثالث فيما يعتقد كاتب هذه الكلمات – وذلك ما وصفه به في مقالة نشرتها «وجهات نظر المصرية – عام 2003م، قد استُهدف بالكيد ميتا لموقفه الموضوعي العلمي من الكتاب (الذي لا ريب فيه) ومن النبي الأُميّ الذي كان وما يزال اعظم شخصية مؤثرة في تاريخ بني الانسان باعتراف مؤرخي الحضارة المحايدين من غير العرب والمسلمين.
اننا حريصون على قراءة هذين الكتابين ونحن نطالب بإعادة طبعهما وبعقد الندوات العلمية حولهما، وتلك هي تحيتنا لفيلسوفنا الراحل عبدالرحمن بدوي رحمه الله.