ينقل التاريخ الموغل في القدم أن أول من مارس الطب هو سيدنا آدم عليه السلام، عندما ساعد حواء أثناء وضعها: لأكثر أوجاعك وحبلك وفي الوجع تلدين . ومنذ بداية الخلق، بدأ الإنسان يبحث عن علاجات تشفي آلامه وأمراضه، فاستخدم كل ما أتيح إليه للحفاظ على صحته. أولها الماء المغلي والبارد والبخار كعلاج فيزيائي، ثم النار لكي أماكن الألم والأطراف المبتورة جراء الحروب لمنع الغرغرينا. والتراب والرماد للجروح والالتهابات، ودم الأبقار والزواحف وزيوت النبات، ثم بدأت المداواة بالسحر والكهانة واستخدام النباتات مع السحر والإيحاء بالشفاء. ويدل التاريخ أن أول طبيب في تاريخ البشرية ظهر في مصر القديمة امحتيب IMHOTEP في عصر السلالة الفرعونية الثالثة (4500 ق.م)، وسمي إله الطب المصري القديم، لأنه كان يعالج الامراض المستعصية ويشفيها حيث اهتم بفكرة التأثير الايجابي للدماغ على الجسم . وأمحتيب يعني الشخص الذي يجلب السعادة وله ايضا لقبان: (1) سيد الأسرار و(2)كاتب الارقام دلالة على كتابته للوصفات على ورق البردى ومعرفته الخارقة لفهم الارقام في ذلك الزمان. استنبط أمحتيب الكثير من العقاقير وكان يعالج مرضاه في مركزه الطبي، واعتبره الفراعنة الثاني في الأهمية بعد فرعون. وبعد موته دفن في ممفيس قرب أهرام صقاره، وصنعوا له تمثالا بملامح وجهه الهادئة، يجلس على كرسي من عاج ويضع ورق البردى على ركبتيه. لقد جلب لشعبه الاطمئنان والسلام وأزال عنهم معاناة الأمراض. وتبع ذلك بناء مراكز طبية ومستشفيات باسمه تدار من قبل تلاميذه. وبعد ثلاثة قرون ظهر (الملك أثوسس) (ATHOSIS) الذي ألف أول كتاب في التشريح، وكان الفراعنة أول من اخترع فن التحنيط، مما ساعد على معرفة أعضاء الجسم الداخلية ووظائفها وتشريحها، ولم تستطع اية حضارة بعدهم أن تتقن التحنيط. كانت فلسفة الفراعنة في التحنيط أن الروح ترجع بعد الموت لتزور جثة صاحبها ، فكان حفظ الجثة مهما لتنعم بالحياة الآخرة. وبعد (2500 عاما) من وفاة أمحتيب، ظهر في اليونان الطبيب اسكلوبيوس ASKOLOPIOS الذي عبده أهله اليونانيون لأنه أحرز السبق في الطب والمعالجة. ثم جاء أبو أقراط ثم جالينوس وغيرهم عبر حضارات متعددة. أما أول طبيب ظهر في عهد الحضارة العربية - الإسلامية، فكان جابر بن حيان (721م - 815م) وكان أول مؤسس لعلم الكيمياء، وبدأت مسيرة الألف عام حيث حمل العرب لواء الحضارة والعلوم التي سادت العالم، وقدم العرب للإنسانية تراثا خالدا عرفه الشرق وانتقل للغرب حيث ظلت كتب ابن سينا وابن الهيثم وغيرهم تدرس في جامعات أوروبا حتى القرن السادس عشر. لقد نشأت العلوم الطبية وتطورت في عهد الحضارة العربية - الإسلامية وفي ظل عقيدة تجاوزت في مداها الحدود القومية والعرقية والعقائدية وللحديث بقية.