خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

الإسلام والنظام الملكي

الإسلام والنظام الملكي

No Image
طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ

أ.د محمد عبده حتاملة استاذ شرف
قسم التاريخ - الجامعة الاردنية


اعترفت الديانات السماوية بالنظام الملكي، ففي العهد القديم هناك أسفار الملوك التي تؤرخ لملوك بني إسرائيل، وبذلك فإن الديانة اليهودية اعترفت بالنظام الملكي كنظام حكم، كما ورد في المزامير الدعاء للملوك حيث ورد يا الله مجننا، انظر بعين الرحمة إلى من مسحته ملكا (المزامير، 84 : 9).
عند مجيء الديانة المسيحية لم يقاوم المسيح السلطة الرومانية ولا تدخل في السياسة فقد قال المسيح: « أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله » (إنجيل مرقس ، 12 : 17 ، إنجيل لوقا، 20 : 25 ). وقال إن مملكته ليست من هذا العالم( إنجيل يوحنا ، 18 : 36)، وجوز إعطاء الجزية لقيصر طالما هو يحكم بلاد اليهودية (إنجيل مرقس ، 12: 14 ـ 17).
وسار القرآن الكريم على خطى الكتب السماوية السابقة، حيث نظر نظرة إيجابية للنظام الملكي كما يتضح في قصة بني إسرائيل عندما طلبوا من نبيهم أن ينصب عليهم ملكا قال تعالى: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ الله قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ الله وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ والله عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ» (البقرة ، 246 ).
كما أكد القرآن الكريم على انتساب الملوك إلى ذرية إبراهيم، قال تعالى:« وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) وَمِنْ آَبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (87) ذَلِكَ هُدَى الله يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88) أُولَئِكَ الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (89)»  ( الأنعام ، 83 -89 ).
والنظام الملكي هو النظام الذي يستمد منه رئيس الدولة (الملك) حقه في الحكم عن طريق الوراثة، وقد قامت بعض الملكيات على أساس ظهور شخصية قوية كان لها الفضل في جمع شتات أمة بعد فرقتها، فجعل منها دولة واحدة متماسكة، وأصبح لأسرته بعده الحق في تولي العرش.
والله سبحانه هو الذي يهب الملك، وهو الذي ينزعه، قال تعالى: « قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير»( آل عمران، 26).
وإذا كان صحيحا أن نظام الحكم في الإسلام ليس ملكيا ولا جمهوريا ولا امبراطوريا فإنه صحيح أيضا أن هذا النظام عندما يكون مقيدا بقواعد وأسس دستورية تتمثل في الشريعة الإسلامية بمصدريها الأساسيين: القرآن الكريم والسنة النبوية، فإنه لا يخالف الإسلام، وخاصة إذا قام على أساس العدل والمساواة والشورى وفق الشريعة الإسلامية.
وليس من شك في أن الحكم والملك والسلطان مترادفات لها معنى واحد، وهو السلطة التي تنفذ الأحكام، أو هو عمل الإمارة التي أوجبها الشرع على المسلمين، وعمل الإمارة هو السلطة التي تستعمل لدفع النظام، وفصل التخاصم، والحكم هو ولاية الأمر، والحكام سواء كانوا ملوكا أم أمراء أم سلاطين هم ولاة الأمر الذين أمرنا الله تعالى بطاعتهم، قال تعالى: « أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم » (النساء، 59).
وقد تناولت آيات كثيرة في القرآن الكريم الملكية والملوك بإيجابية، بل إن الله سبحانه وتعالى اصطفى بعض الملوك، وجمع إلى بعضهم الملك مع النبوة، واختار لبعض أنبيائه ملكا يرعاه، فقد اصطفى سبحانه وتعالى طالوت ليكون ملكا على بني إسرائيل، قال تعالى: « وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم »( البقرة، 247).
وجعل الله سبحانه وتعالى داوود خليفة في الأرض، وأمره أن يحكم بين الناس بالحق، قال تعالى:«يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» (ص، 26).
وقال تعالى: « وقتل داوود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء» (البقرة، 251).
وقد ورث سليمان عليه السلام ملك أبيه داوود، قال تعالى: « وورث سليمان داوود» (النمل، 16).
وأصبح لسليمان ملك عظيم أشارت إليه الآية الكريمة: « واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا» (البقرة، 102).
وأما يوسف عليه السلام فقصته معروفة مشهورة، وقد فصلها القرآن الكريم، وأورد ما كان من يوسف وامرأة العزيز، وما كان من يوسف وملك مصر، أحد ملوك الهكسوس. ولا يتسع المقام لتفصيل هذه القصة، وخاصة أن ما يهمنا منها هو كيف أن الله سبحانه وتعالى هيأ ليوسف عليه السلام ملكا يرعاه، بل يقلده أمور الحكم في مملكته، وذلك بعد أن مكن الله ليوسف تفسير رؤيا الملك: « وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف، وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات، يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون» (يوسف، 43). وبعد أن فسر يوسف عليه السلام هذه الرؤيا أمر الملك بإحضاره من السجن، « وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي، فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين»  (يوسف، 54). وعندئذ طلب يوسف من الملك أن يوليه خزائن مصر « قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ، وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء، نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين » (يوسف، 55-56).
وقد بلغ يوسف عند ملك مصر منزلة رفيعة، إذ أصبح هو الذي يصرف شؤون الدولة، وفيها استقبل أبويه وإخوته: « فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين. ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا » (يوسف، 99-100). وقد رد يوسف عليه السلام الفضل فيما وصل إليه إلى صاحبه، وهو الله سبحانه وتعالى: « رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين » (يوسف، 101).
ويلاحظ أن القرآن الكريم لا يطلق على الملوك الطغاة لقب ملك، فحاكم مصر الذي حارب نبي الله موسى عليه السلام يطلق عليه القرآن الكريم لقب (فرعون)، أما حاكم مصر الذي استوزر نبي الله يوسف عليه السلام فيطلق عليه القرآن الكريم لقب (ملك)، وهذا يعكس نظرة إيجابية إلى الملكية.
ويستقيم حكم الحاكم ملكا كان أو غير ملك بالشورى، وهي استنباط الرأي من غيره فيما يعرض له من مشكلات، ذلك لأن من أعجب برأيه ضل، ومن استبد برأيه كان عن الصواب بعيدا. وقد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: « وشاورهم في الأمر » (آل عمران، 159). ولذلك نجده ـ مع أنه أحسن الناس رأيا، ومؤيد بالوحي الإلهي ـ يشاور أصحابه ليعلم الأمة ما في المشاورة من الفضل، ولتقتدي به أمته من بعده.
وتعتبر الشورى من قواعد الشريعة الإسلامية، وقد مدح الله المؤمنين بقوله: « وأمرهم شورى بينهم « (الشورى، 38).
لقد شاور رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه في كثير من القضايا والمسائل، فقد استشارهم في أسرى بدر، وفي الخروج لبدر. كما استشارهم في أحد، وفي غزوة الأحزاب، وفي غير ذلك.
وسار الخلفاء الراشدون على نهج الرسول صلى الله عليه وسلم، فكانوا لا يستبدون برأي، وأولهم أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، إذ كان إذا ورد عليه الأمر نظر في كتاب الله، فإن وجد فيه ما يقضي به قضى بينهم، وإن علمه من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى به، وإن لم يعلم خرج فسأل المسلمين عن السنة، فإن أعياه ذلك دعا رؤوس المسلمين وعلماءهم واستشارهم.
والمستشار لا بد أن يتوفر على صفات وشروط، أهمها أن يكون عاقلا مجربا ذا دين وتقى ناصحا ودودا سليم الفكر.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF