خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

فؤاد البخاري .. حارس ذاكرة الزمن الجميل في عمان

فؤاد البخاري .. حارس ذاكرة الزمن الجميل في عمان

No Image
طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ

وليد سليمان- «فؤاد البخاري» كتب عن ذاكرته الجميلة حول عمان القديمة التي احبها بعشق كبير عبر كتاب مدهش كان بعنوان (عمان ذاكرة الزمن الجميل) وذلك في اواخر العام الماضي 2010 ثم ما لبث ان غادرنا ليظل كتابه ذكرى تاريخية وثقافية واجتماعية هامة لهذا الرجل النبيل ولسيرة مدينته عمان التي ولد فيها, وعليها عاش, وفي ترابها الطاهر دفن.. حيث كان من اواخر حراس ذاكرة عمان الشعبية.
وفي كتابه النادر عن عمان اخذنا المؤلف فؤاد البخاري المولود في العام 1936 في رحلة عبر عمان في فترات من القرن الماضي وهي: الاربعينات والخمسينات والستينات.. حيث تحدث عن مواضيع متنوعة منها الاجتماعية والثقافية والتعليمية والاعلامية والمهنية والطبية والمواصلات ووسائل الترفيه والرياضة.. الخ.
ان العرض السريع هنا او القيام بملخص بسيط لمواضيع الكتاب يبدو انه من الصعوبة الجميلة!! ذلك لان كل موضوع وباب هنا في هذا الكتاب كبير وواسع وجميل لا يمكن ايفاؤه حقه.. وهذا دليل على انه لا بد للقارئ اذا ما اراد الاستمتاع حقا بذاكرة وماضي مدينته الحبيبة عمان ان يرجع للكتاب نفسه ليقرأه من الغلاف الاول حتى الغلاف الاخير,
لذلك ليس لدينا سبيل هنا الا ان نستعرض وبسرعة فقط بعض مواضيع الكتاب:
البساطة والمحبة
وعن بعض مظاهر الحالة الاجتماعية للناس قديما في عمان يقول المؤلف فؤاد البخاري: ولان الحياة كانت على قدر عال من البساطة, وكان الناس على قدر من التقارب, فقد كانت السلوكيات واساليب التعامل في مجالات الحياة كلها تتسم بالسلاسة والحميمية, وكان الناس اكثر رضا عن حياتهم.. وكان ذلك يبدو لنا واضحا منذ مشوارنا الصباحي الى المدرسة.. فمنذ ساعات الصباح الباكر كنا نسمع اصحاب الحوانيت والبقالات يفتتحون النهار بعبارات مثل: «اصبحنا واصبح المُلك لله» و»يا رزاق يا كريم» وعندما كنت مثلا اول من يشتري من دكان في الصباح الباكر كنت اسمع البائع يقول: «استفتاح مبارك ان شاء الله». اما من كان يشتري قميصا او اية قطعة ملابس فان البائع يدعو له ان يهريه «بعرق العافية». ولمن يشتري حذاء يقول «مبروك ع الارض»؟
حتى المجاملات بين الناس في ذلك الحين في الاربعينات والخمسينات كانت تقوم على اساس انساني يكاد يخلو من المصلحة, فانت تسمع عبارات المجاملة بين اُناس لا يعرف احدهم الاخر في الاماكن العامة, كما في البيوت والمحلات وفي الاسواق فاذا شربت ماء تسمع من يقول لك «هنيئا» فترد عليه بـ_الله يهنيك» وفي الصيدلية تسمع عبارات مثل: «مشافاة» او «فيه العافية» وفي صالون الحلاقة تسمع الجميع يقولون «نعيما» لمن انهى الحلاقة فيرد عليهم «الله ينعم عليكم» كذلك تكرر هذه العبارات في حمام النصر الحمام الشعبي الوحيد في عمان.. الخ من عبارات المجاملة الاخرى.
ملابس الرجال
في شوارع عمان كنا نشاهد خليطا مدهشا من ملابس الرجال.. فالغالبية العظمى كانت قد تركت الملابس العربية واتجهت الى الافرنجية, فكنا نرى الموظفين وكبار الوجهاء والشخصيات يرتدون الطقم المكون من بنطال وجاكيت وربطة العنق.. اما شيوخ العشائر وابناؤها فقد ظلوا يحافظون على الملابس العربية «القمباز والجاكيت» وبالنظر الى رؤوس الرجال, فقد كان نادرا بل مدعاة تندر ان ترى رأسا بلا غطاء من نوع ما. فاذا كان الرجل من الوجهاء او كبار السن, تراه معتمرا ذلك الطربوش الموروث عن العهد التركي (وهو في الاصل من النمسا, اخذه الاتراك عند غزوهم ذلك البلد وطوره) وهناك من تراه يختار الفيصلية (نسبة الى المغفور له الملك الراحل فيصل الاول ملك العراق الذي كان يتخذها غطاء لرأسه) وكانت ايضا تسمى بـ(العراقية) وكانت هي غطاء الرأس المفضل لدى فئة واسعة من شباب عمان ويعدونها من مظاهرة الوجاهة.. وهذه القبعة تشبه ما يرتديه ضباط الامن العام والدفاع المدني في الاردن مع فارق ان الغطاء الاخير كان اكبر حجما واكثر ارتفاعا وكان يصنع من قماش مخملي باللون الاسود او الكحلي او الرمادي.
وبالاضافة الى الطربوش والفيصلية كنا نشاهد القلبق الشركسي الذي ظل كثير من الشركس يرتدونه على رؤوسهم حتى منتصف الخمسينات, ثم تخلى عنه غالبيتهم. اما غطاء الرأس الذي كان وما زال زيا وطنيا فهو الكوفية «الحطة» والعقال الذي يعد الغطاء المفضل في فصل الشتاء للوقاية من البرد القارس.
ويقول فؤاد البخاري: واذكر اننا حين كنا طلابا كانت ادارة المدرسة تحظر علينا دخول الصف دون تلك الحطة او الكوفية.
الرحلات والنزهات
كانت العطلة الاسبوعية للموظف والعامل والطالب على حد سواء فرصة للراحة بعد ستة ايام من العمل والدوام, لكن الراحة لم تكن تعني المكوث في البيت, بل التمتع بالعطلة, وهذا يعني الخروج من الى اماكن التنزه الكثيرة التي كانت منتشرة في عمان, بدءا من بساتين رأس العين وضفة السيل مرورا بالمهاجرين وصولا الى منطقة المحطة وصعودا في اتجاه منطقة ماركا, وانتهاء ببساتين الرصيفة. ففي تلك الايام كان متنزه رأس العين يشكل ما يشبه غابة من اشجار الصفصاف والحور والدفلى والصنوبر التي تحجب الشمس عن المتنزهين, وكانت هناك شلالات المياه والجداول الصغيرة المليئة بالاسماك.. لذا كان هذا المتنزه المكان المفضل لرحلات المدارس ايضا.
وفي هذا المتنزه كان الملك المؤسس عبدالله الاول يقيم لضيوفه الرسميين مآدب الغداء, كما ان العديد من شخصيات عمان ووجهائها كانوا يقيمون ولائمهم فيه, في حين كان المتنزهون يحضرون وجباتهم جاهزة او يشوون اللحم هناك.
وكانت هناك رحلات وسيران تتجه الى اماكن اخرى مثل بساتين المحطة حيث تقوم بذلك العائلات والمجموعات النسائية, واخرى شبابية.. لذلك كنا نرى النساء يخترن اشجارا ضخمة للجلوس تحتها بعيدا عن اعين الفضوليين, وقد تميزت هذه البساتين باشجار التوت والتين والمشمش ونبات الخس الذي يروى من مياه السيل. ومابين رأس العين والمحطة كان بعضهم يختار التنزه على جوانب بساتين طريق المحطة حيث يأكلون الخس او التسالي التي تباع هناك.
عدا هذه المتنزهات كان ثمة بستان يجذب الشباب تحديدا هو بستان ابو شام, وكنا نطلق عليه اسم «البرية» لانه يقع في مكان بعيد معزول عن وسط العاصمة في الدوار الاول من جبل عمان حيث كان هذا الدوار يُعد اخر الدنيا آنذاك.. وكان هذا البستان مملوكا للمرحوم يوسف ابو شام, وكان مليئا باشجار التوت والتين, وكنا نهز شجرة التوت وندعو اصحابنا ليهزوها بقولنا: «هز التوته يا توّات» فنجمع ما يتساقط دون ان يردعنا احد.
الشيخ صالح والكومندان
وليست الامكنة وحدها هي ما يشكل معالم عمان, فقد كان ثمة معالم مختلفة تتمثل في عدد من الشخصيات المميزة في صورة ما.. وهي شخصيات ذات سمات تنطوي على طرافة معينة.. ومن ابرز هذه الشخصيات الشيخ صالح وهو سوري الاصل كان مميزا بالعمامة الخضراء والعصا المثبته تحت ابطه مع النياشين على صدره, والكيس المتدلي على كتفه الذي يحتوي على ما تيسر من مأكولات. وكان يستوقف المارة ليلقي عليهم مواعظه, لكنه حين يُستفز ينطلق لسانه بأقذع الشتائم.. ولا يتورع عن اللحاق بالشخص واستعمال عصاه.. وظل الشيخ صالح هذا يشكل واحدا من معالم عمان حتى نهاية الاربعينات حيث اختفى فجأة دون ان يعرف مصيره احد.
اما الشخص الثاني المميز على نفس هذا الصعيد فانه رجل شركسي لم اعد اذكر اسمه كان يتميز بالحطة الخضراء والمعطف الذي لا يفارقه صيفا او شتاء والبسطار الجيشي وعصا الضباط بيده. لذا كنا نطلق عليه لقب (شاويش كومندان) وغالبا ما كان يُشاهد وهو يحدث نفسه بصوت مرتفع, ويُفهم من بعض كلامه انه يتذمر من الاوضاع, ولم يكن يتورع عن شتم المسؤولين واختفى الكومندان في منتصف الخمسينات.
مثلجات البوظة
انتشرت صناعة البوظة العربية ومهنة بيعها بعدما ادخلها الشوام الى عمان بوصفها منتجا شامي الاصل, وكانت صناعتها تتم يدويا, اذ توضع الخلطة ?التي لا يعرف تركيبها الا صاحبها- في اسطوانة نحاسية طويلة تسمى العزم وتوضع داخل برميل من الخشب اوسع منها وفي المسافة الفارغة بينهما توضع كميات من قطع الثلج لتبرد البوظة, وكان الصانع بعد ذلك يستعين بمدقة خشبية غليظة لدق البوظة التي تبدأ بالتجمد قليلا قليلا كلما زاد الدق.. فيما عرقه يتدفق على انحاء جسده.. لكن النتائج لا يعلمها الا من يتذوق وجبة لذيذة من هذه البوظة العربية.
ورغم ان بوظة هذه الايام تصنع بطريقة حديثة.. الا ان تلك التي كنا نسميها (الايمة) تظل اطيب واشهى خصوصا عندما تأكلها في محل عدنان وشقيقه هاشم الحلواني وكان لمحل الاخوين الواقع في شارع الهاشمي شهرة واسعة, وكانت المتعة اكبر عندما كنا نجلس في مطعم البوظة هذا ونحن نأكل البوظة ونستمع لاغاني كبار المطربين العرب آنذاك مثل ام كلثوم ومحمد عبدالوهاب من خلال جهاز الراديو القديم المركون بحرص في احدى زوايا المحل.

 

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF